للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: فقال عُمَرُ بنُ الخَطَّاب: ألا تَسْمَع إلى ما يُحَدِّثُنا به ابنُ أُمِّ عَبْدٍ يا كَعْب عَن أَدْنَى أهل الجَنة مَنْزِلًا، فَكَيفَ أعلاهُم؟ قال كَعْبٌ: «يا أمير المؤمنين، لا عَيْنٌ رَأَت، ولا أُذُنٌ سَمِعَت، إِنَّ اللهَ خَلَق لِنَفْسِه دَارًا، وجَعَل فِيهَا مَا يَشَاءُ مِن الأَزْوَاج والثَّمَرات والأَشْرِبَة (١)، ثُم أَطْبَقَها، ثُم لَم يُرِهَا أَحَدًا (٢) مِن خَلْقِه، لا جِبْريل ولا غَيرَهُ مِن المَلائِكَة، قال: ثُم قَرَأ كَعْبٌ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (١٧)} [السجدة] قال: وخَلَق دُونَ ذَلِك جَنَّتَين زَيَّنَهُما بِمَا شَاءَ، وأَرَاهُما مَن شَاء مِن خَلْقِه، ثم قال: فَمَن كَان كِتَابُه في عِلِّيِّين نَزَلَ تِلك الدَّار التي لَم يَرَهَا أَحَدٌ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ مِن أَهْل عِلِّيين لَيَخْرُج يَسِير في مُلْكِه، فَما تَبْقَى خَيْمَةٌ مِن خِيَامِ الجَنَّةِ إلا دَخَلَها ضَوءٌ مِن ضَوءِ وَجْهِهِ، ويَسْتَبْشِرُون بِرِيحِه ويقولون: وَاهًا لِهَذه الرِّيح الطَّيبة، هذا مِن أَهْل عِلِّيين قَد خَرَج يَسِيرُ في مُلْكِهِ».

قال: فقال عُمَرُ: «وَيْحَكَ يَا كَعْب، إِنَّ هَذِه القُلُوب قَد اسْتَرْسَلَت، فَاقْبِضْهَا».

قال كَعْبٌ: «والذِي نَفْسِي بِيَدِه، إِنَّ لِجَهَنَّمَ يَومَ القِيَامَة لزَفَرةً، مَا مِن مَلَكٍ مُقَرَّب، ولا نَبِيٍّ مُرسَل، إلا يَخِرُّ لِرُكْبَتَيه، حتى إن إبراهيمَ خَلِيلَ اللهِ لَيقُول: نَفْسِي نَفْسِي، حتى لو كان لَك عَمَلُ سَبْعِينَ نَبِيًّا لَظَنَنْتَ أَنَّكَ لا تَنْجُو» (٣).

(١٠١٣) أخبرنا أبو عبد اللهِ الحَافِظُ، حدثنا أبو العَبَّاس محمدُ


(١) في «ع» (الأسرة).
(٢) في «ث»، و «ب»، «ش» (لم يرها أحدٌ).
(٣) أخرجه الطبراني في «المعجم الكبير» (٩٧٦٣)، من طريق إسماعيل بن عبيد بن أبي كريمة الحراني، به.

<<  <   >  >>