في المأخوذ منهم على ما ورد به الشرع وعدم مجاوزته في شيء وإخلاص النية في ذلك وإشعار الرعية في جميع الأقطار والعزم عليه على الاستمرار، فإن ذلك من الأسباب التي تدفع كل الدفع وتنجع أبلغ النجع، فإن اضطراب الرعايا ورفع رؤوسهم إلى الواصلين ليس إلّا لما يبلغهم من اقتصارهم على الحقوق الواجبة وليس ذلك لرغبة في شيء آخر. فلما فرغت من أداء النصيحة، انبرى أحد الرجلين الآخرين، وهو ممن حظي من العلم بنصيب وافر ومن الشرف بمرتبة عليّة ومن السن بنحو ثمانين سنة وقال: إن الدولة لا تقوم بذلك ولا تتم إلّا بما جرت به العادة من الجبايات ونحوها، ثم أطال في هذا بما يتحير عنده السامع ويشترك في العلم بمخالفته للشريعة العالم والجاهل والمقصّر والكامل، ثم ذكر أنه قد أخذ الجباية ونحوها من الرعية فلان وفلان، وعدد جماعة من أئمة العلم ممن لهم شهرة وللناس فيهم اعتقاد. وهذا مع كونه عنادًا للشريعة وخلافًا لما جاءت به وجرأة على الله ونصبًا للخلاف بينه وبين من عصاه وخالف ما شرعه، هو أيضًا مجازفة بحتة في الرواية عن الذين سماهم، بل هو محض الكذب. وإنما يروي عن بعض المتأخرين ممن لم يسمّه ذلك القائل، وهذا البعض الذي يروي عنه ذلك إنما فعله أيامًا يسيرة ثم طوى بساطه وعلم أنه خلاف ما شرعه الله فتركه. وإنما حمله
= وحدة وتماسك الجبهة الداخلية، لأنه يلغي أهم أسباب وبواعث الصراع والتفرق الداخلي، ويحفز الجماهير على رَصِّ صفوفها وتوحيد طاقاتها للدفاع عن كيان الشعب ونظامه السياسي، ويدفعها للتضحية في سبيلهما كما أن ممارسة السلطة للاستبداد والظلم، هو الذي يدفع بالشعوب للتطلع لأي قوة خارجية أو داخلية تدخل في صراع مع تلك السلطة، ويجعلها مستعدة للتعاون تلك القوى بغية التخلص من الظلم غير آبهة بما قد يلحق بالوطن من أضرار، ومن الأمثلة على ذلك ما حدث في حرب الخليج الأولى والثانية إذ تعاونت بعض الفئات والجماعات داخل العراق، مع الجيوش المعادية له كرد فعل على دكتاتورية النظام في العراق.