هي من المجموعات التي جمعتها في أيام الحداثة وأوائل الشباب، وبعد هذا كله فلست أجهل أن في رجال هذه الطائفة المسماة بالصوفية من جمع الله له بين الملازمة لهذه الشريعة المطهرة والمشي على الطريقة المحمدية والصراط الإسلامي، مع كونه قد صار من تصفية باطنه من كدورات الكبر والعجب والحسد والرياء ونحوها بمحل يتقاصر عنه غيره، ويعجز عنه سواه، ولكني في هذا المصنف بسبب الإرشاد إلى العمل بالكتاب والسنة، والتنفير عما عداهما كائنًا ما كان. فلست أحب لمن أراد القُرب إلى الله والفوز بما لديه والظفر بما عنده أن يتسبب إلى ذلك بسبب خارج عنهما من رياضة أو مجاهدة أو خلوة أو مراقبة، أو يأخذ عن شيخ من شيوخ الطريقة الصوفية شيئًا من الاصطلاحات الموصلة إلى الله عندهم، بل يطلب علم الكتاب والسنة ويأخذهما عن العلماء المتقنين لهما المؤثرين لهما على غيرهما المتجنبين لعلم الرأي وما يوصل إليه، النافرين عن التقليد وما يحمل عليه، فإنه إذا فعل ذلك سلك مسلك النبوة، وظفر بهدي الصحابة، وسلم من البدع كائنة ما كانت، فعند ذلك يحمد مسراه، ويشكر مسعاه، ويفوز بخير أولاه وأخراه.