للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[١ - ذكاؤه وتعدد مواهبه]

أسهمت في تكوين شخصية الشوكاني وفي تكوينه النفسي والفكري عوامل عديدة، فبالإضافة إلى طموحه وحبه للعلم والجد في تحصيله بهمة عالية وعزيمة قوية فقد كان من أهم تلك العوامل: ذكاؤه الحاد، وتعدد مواهبه واهتماماته، وقد تجلى ذلك، في مقدرته وسرعة إستيعابه للكثير من العلوم والمعارف العامة، في وقت قصير وفي مرحلة مبكرة من عمره، فأثناء تلقيه لتعليمه الأولي في "المكتب" (١):

حفظ إلى جانب القرآن "متن الأزهار للإمام المهدي، ومختصر الفرائض للعصيفري والملحة للحريري والكافية والشافية لابن الحاجب، والتهذيب للتفتزاني والتلخيص للقزويني والغاية لابن الإمام وبعض مختصر المنتهى لابن الحاجب، ومنظومة الحريري ومنظومة الجزار في العروض، وأدب البحث للعضد، ورسالة الوضع له أيضًا، وكان حفظه لهذه المختصرات قبل الشروع في الطلب وبعضها بعد ذلك، ثم قبل شروعه في الطلب كان كثير الاشتغال بمطالعة كتب التواريخ ومجاميع الأدب من أيام كونه في المكتب فطالع كتبًا عِدَّة ومجاميع كثيرة" (٢).

وهذه العلوم والمعارف، كما نرى، لا يتلقاها الطلاب في هذه المرحلة الدراسية المبكرة، كما إن الطالب العادي يحتاج لاستيعابها عدة سنوات بعد تجاوزه لمرحلة التعليم الأولي في "المكتب". وقد أتاح له ذكاؤه


(١) "المكتب" أو "الكتَّاب" هو المكان الذي يتعلم فيه التلميذ مبادئ القراءة والكتابة والحساب وقراءة القرآن الكريم وغالبًا ما يكون ذلك على يد معلم واحد، فهو أشبه ما يكون بالمرحلة الابتدائية الآن. ثم ينتقل الطالب، الراغب في مواصلة تعليمه إلى حلقات العلم في المساجد لحفظ وقراءة المتون والشروح المتعلقة بعلوم الشريعة واللغة .. إلخ.
(٢) البدر الطالع ٢/ ٢١٥.

<<  <   >  >>