للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الولاية معهم إلى ما هو أشد من ذلك. ولا يدعهم حتى يتوبوا. وهكذا ما يقع من الأوقاف على القبور فإنها من الحُبَس الشيطانية، والدلس الطاغوتية. ولا يحل تقرير شيء منها ولا السكوت عنه، بل صرفها في مصالح المسلمين من أهم الأمور وأوجبها. فإن في عدم إنكارها وإبطالها مفسدة عظيمة تنشأ عنها الاعتقادات الباطلة المفضية بصاحبها إلى نوع من أنواع الشرك وهو لا يشعر.

[[تشكيك المؤلف في حجية الإجماع والقياس والاستحسان]]

ومن جملة ما ينبغي لطالب الحق أن يتصوره ويحذر من قبوله بدون كشف عنه: ما يجعله كثير من أهل العلم دليلًا يستدلون به على إثبات الأحكام الشرعية على العباد، وهو الإجماع، والقياس، والاجتهاد، والاستحسان:

فأما الإجماع (١): فقد أوضحت في كثير من مؤلفاتي أنه ليس بدليل شرعي على فرض إمكانه لعدم ورود دليل يدل على حجيته. وأوضحت أنه ليس بممكن لاتساع البلاد الإسلامية، وكثرة الحاملين للعلم، وخمول كثير منهم في كل عصر من الأعصار منذ قام الإسلام إلى هذه الغاية. وتعذر الاستقراء التام لما عند كل واحد منهم. وأن الأعمار الطويلة لا تتسع لذلك فضلًا عن الإعمار القصيرة. فإن المدينة الواسعة قد يعجز من هو من أهلها أن يعرف ما عند كل فرد من أفراد علمائها، بل قد يعجز عن معرفة كل عالم فيها كما هو مشاهد محسوس معلوم لكل فرد فكيف بالمدائن المتباينة. فكيف بجميع الأقطار الإسلامية بدوها وحضرها ومداينها وقراها. فقد يوجد في زوة من الزوايا التي لا يؤبه لها، ولا يرفع الرأس إليها من يقل نظيره من المشاهير في الأمصار الواسعة. ومع هذا فهذه المذاهب قد طبَّقت الأقطار وصارت عند المنتمين إلى الإسلام قدوة يقتدون بها، لا يخرج عنها ويجتهد رأيه ويعمل بما قام عليه الدليل إلا الفرد بعد الفرد، والواحد بعد الواحد


(١) انظر: إرشاد الفحول ص ٧١ - ٨٩.

<<  <   >  >>