للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ضرورة تيقظ الباحث لحيل الفقهاء فلا يغتر بها] (١)

ومن جملة ما يستعين به على الحق ويأمن معه من الدخول في الباطل وهو لا يشعر أن يقرر عند نفسه أن هذه الشريعة لما كانت من عند عالم الغيب والشهادة، الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. ويعلم ما تكنّ الصدور وتخفيه الضمائر، ويحول بين المرء وقلبه، كانت المخادعة بالحيل الباطلة، والتخلص مما طلبه بالوسائل الفاسدة، من أعظم المعاصي له، وأقبح التجاري عليه، وجميع هذه الحيل التي دوّنها أهل الرأي هي ضد لما شرعه وعناد له ومراوغة لاحكامه ومجادلة باطلة لما جاء في كتابه وسنة رسوله. ومن تفكّر في الأمر كما ينبغي وتدبره كما يجب اقشعر له جلده، ووقف عنده شعره، فإن هذا الذي وضع للعباد هذه الحيل كأنه يقول لهم هذا الحكم الذي أوجبه الله عليكم أو حرمه قد وجدت لكم عنه مخلصًا ومنه متحولًا بذهني الدقيق وفكري العميق، هو كذا وكذا، فهذا المخذول قد بلغ من التجري على الله تعالى مبلغًا يتقاصر عنه الوصف لأنه ذهب يعانده ويضاد ما تعبّدنا به بمجرد رأيه الفايل وتخيّله الباطل. مقرًا على نفسه بقبيح صنعه. وإنه جاء بما يريح العباد من الحكم الشرعي، فإن كان مع هذا معتقدًا أن


(١) تناول المؤلف هذا الموضوع بتوسع في كتابه: قطر الولي وذكر نماذج وأمثلة لأنواع الحيل التي أراد بها أصحابها التحلل من التكاليف الشرعية، قطر الولي ص ٣٥٣ - ٣٦٤.

<<  <   >  >>