للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولو كان هذا البيت لله ربنا … لصبّ علينا النار من فوقنا صبًّا

لأنَّا حججنا حجّةً جاهليّةً … محلَّلةً لم تبق شرقًا ولا غربًا

ثم قال لمن بقي في الحرم سالمًا من القتل: يا حمير أنتم تقولون ﴿وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا﴾ [آل عمران: ٩٧] وقد كان أول هذه النحلة القرمطية، التظهر بمحبة أهل البيت والتوجع لهم والعداوة لأعدائهم ثم انتهى أمرهم إلى مثل هذا.

وهكذا الباطنية فإن مذهبهم الذي يتظهرون به ويبدونه للناس هو التشيع ولا يزال شياطينهم ينقلون من دخل معهم فيه من مرتبة إلى مرتبة حتى يوقفوه على باب الكفر وصراح الزندقة، وإذا تمكن بعض طواغيتهم فعل كما فعل علي بن الفضل الخارج باليمن من دعاء الناس إلى صريح الكفر ودعوى النبوة ثم الترقي إلى دعوى الألوهية، وكما فعله الحاكم العبيدي بمصر من أمر الناس بالسجود له والقيام عند ذكره على صفة معروفة فكان إذا ذكره الخطيب يوم الجمعة على المنبر قام جميع من بالمسجد ثم يخرّون ساجدين ثم يقوم بقيامهم من يتصل بالجامع من أهل الأسواق ثم يسري ذلك إلى قيام أهل مصر (١)، وما كان يبديه من الأفعال المتناقضة والحماقات الباردة مقصوده من ذلك تجريب أحوال الناس واختبار طاعتهم له في الأمور الباطلة وفي مخالفة الشريعة حتى ينقلهم إلى ما يريده. وكم نعدد لك من هذا.

وبالجملة فإذا رأيت رجلًا قد انتهى به الرفض إلى ذم السلف الصالح والوقيعة فيهم وإن كان ينتمي إلى غير مذهب الإمامية فلا تشك في أنه مثلهم فيما قدمنا لك، وجرِّبْ هذا إن كنت ممن يفهم فقد جرّبناه وجربه من قبلنا فلم يجدوا رجلًا رافضيًا يتنزه عن شيء من محرّمات الدين كائنًا ما كان ولا


= الأثير ٦/ ٢٠٣ - ٢٠٥؛ ابن كثير ١١/ ١٦٠ - ١٦١، الأعلام للزركلي ٣/ ١٨٣.
(١) راجع ابن الأثير ٧/ ٢٣١ (هامش)، ابن كثير ١١/ ٣٣٦، ١٢/ ٩.

<<  <   >  >>