يكون سببًا لجلب فتنة أو نزول مضرة أو ذهاب جاه أو مال أو رئاسة، فإن الله ناصر دينه ومتمم نوره وحافظ شرعه ومؤيد من يؤيّده وجاعل لأهل الحق ودعاة الشرع والقائمين بالحجة سلطانًا وأنصارًا واتباعًا وإن كانوا في أرض قد انغمس أهلها في موجات البدع وتكسّعوا (١) في متراكم الضلال، وقد قدّمنا الإرشاد إلى شيء من هذا.
فإن قُلتَ: هؤلاء المتعصبة قد طبَّقوا جميع أقطار الأرض الإسلامية وصارت المدارس والفتاوي والقضاء وجميع الأعمال الدينية بأيديهم، فإن كل مملكة من الممالك الإسلامية يعتزي أهلها إلى مذهب من المذاهب، ونحلة من النحل، وكل بلد من البلاد وقطر من الأقطار كثرت أو قلَّت، لابد أن يكون أهلها مقلّدين لميت من الأموات يأخذون عنه ما يجدون في مؤلفاته ومؤلفات أتباعه المقلّدين له، حتى صارت مسائل مذهبهم نصب أعينهم، لا له، يتحوّلون عنها ولا يخالفونها ويعتقد من تفاقم تعصبه من المقلّدة أن الخروج عن ذلك خروج من الدين بأسره، وإن كانت بقية المذاهب على خلافه في تلك المسألة كما نجده في كل مذهب من المذاهب الأربعة وغيرها، فما عسى يغني إرشاد فرد من أفراد العلم إلى الإنصاف واتباع نص الدليل في قطر واسع من أقطار الأرض أو مدينة كبيرة من مدائنه، فإنه بأول كلمة تخرج منه وأيسر مخالفة يفوه بها، يقوم عليه من المقلدة من ينغّص عليه مشربه ويكدّر عليه حاله، وأقل الأحوال أن يسعى به هؤلاء المقلدة إلى أمثالهم ممن بأيديهم الأمر والنهي والدولة والصولة فيمنعونه من المعاودة ويتوعدونه بأبلغ توعّد، هذا إذا لم يمنعوه من التدريس والإفتاء بمجرّد ذلك، ويحولون بينه وبين ما أردت منه بكل حائل، وما يصنع المسكين بين مئين من المقلدة كل واحد منهم أجل قدرًا منه، وأنبل ذكرًا وأحسن ثيابًا وأفره مركوبًا، وأكثر