للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بلفظ الشبه. وما يؤدي هذا المعنى (١). فإذا اقتصر طالب الحق على النظر في مثل هذه المؤلفات وقع في الباطل وهو يظنه الحق. وخالف الحق وهو يظنه الباطل. والذي أوقعه في ذلك اقتصاره في البحث والنظر على ذلك الكتاب الذي ألفه ذلك المتعصب، وإحسانه الظن به، وغفو له عن أن مواطن الأدلة هي مجاميع الحديث كالأمهات وما يلتحق بها. وإن هؤلاء هم أهل العلم وأربابه الذين يعرفون صحيحه من فاسده كما قدمنا الإشارة إلى هذا.

ولا بأس بأن ينظر طالب الحق في كتب العلماء المشهورين بالانصاف الذين لم يتعصبوا لمذهب من المذاهب ولا انتسبوا إلى عالم من العلماء، فإنه يستفيد بمطالعة مؤلفات المنصفين كيفية العمل عند التعارض، ويهتدي إلى مواقع الترجيح ومواطن ما يحق من الاجتهاد على الوجه المطابق.

وهكذا كتب الكلام وأصول الفقه، فإن كل طائفة تصنع هذا الصنع في الغالب فتصف ما يوافق مذهبها بالحجج القواطع والأدلة الراجحة. وتطفف للمخالف فتورد له ما لا يعجزون عن جوابه ودفعه. ويتركون ما لا يتمكنون من دفعه. وقد يذكرونه على وجه فيه مدخل للدفع ويلصقون به ما يفتح فيه أبواب المقال. فليحذر المنصف من الركون على ما يورده المتمذهبون لأنفسهم ولخصومهم من الحجج (٢). فإنه قد علق بكل طائفة من العداوة للأخرى ما يوجب عدم القبول من بعضهم في بعض (٣).


(١) راجع ما سبق ص ١٢٢، ١٥٧، أيضًا: الغزالي، الاقتصاد في الاعتقاد ص ١٠٧، ابن الوزير إيثار الحق على الخلق ص ٣٠ - ٣٤.
(٢) قارن ب: ابن حزم، الفصل في الملل والأهواء والنحل ٣/ ٢٥٠ ابن الوزير العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم ٣/ ٣٢٩ وما بعدها.
(٣) انظر: ابن عبد البر القرطبي: الذي خصص في كتابه الجامع فصلًا، في عدم قبول أقوال العلماء وأتباع المذاهب بعضهم في بعض (جامع بيان العلم وفضله ١/ ١٤٩ - ١٦٣؛ وقد استدل محمد بن إسماعيل الأمير على عدم قبول أقوال الفرق ببعضها=

<<  <   >  >>