للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الترجيح. فينبغي تعلم شيئًا من علم الإعراب حتى يعرف به إعراب أواخر الكلم. ويكفيه في مثل ذلك حفظ منظومة الحريري المسماة (الملحة) وقراءة شروحها على أهل الفن. وتدربه في إعراب ما يطلع عليه من الكلام المنظوم والمنثور، ويحفي (١) السؤال عن إعراب ما أشكل عليه حتى تثبت له بمجموع ذلك ملكة يعرف بها أحوال أواخر الكلم إعرابًا وبناء، وإن لم يعلم بوجوه العلل النحوية ولا عرف الحجج العربية.

ثم يتعلم اصطلاح علم الحديث ويكفيه في مثل ذلك مثل (النخبة) وشرحها. ثم بعد هذا يكب على سماع المختصرات في الحديث مثل (بلوغ المرام) و (العمدة) و (المنتقى). وإن تمكن من سماع (جامع الأصول) أو شيء من مختصراته فعل، فإذا أشكل عليه معنى حديث نظر في الشروح أو في كتب اللغة، وإن أشكل عليه الراجح من المتعارضات أو التبس عليه هل الحديث مما يجوز العمل به أو لا. سأل علماء هذا الشأن الموثوق بعرفانهم وانصافهم ويعمل على ما يرشدونه إليه، استفتاءً وعملًا بالدليل، لا تقليدًا وعملًا بالرأي، ويشتغل بسماع تفسير من التفاسير التي لا يحتاج إلى تحقيق وتدقيق كتفسير البغوي وتفسير السيوطي المسمى "الدر المنثور". وإذا أشكل عليه بحث من المباحث أو تعارضت عليه التفاسير ولم يهتد إلى الراجح أو التبس عليه أمر يرجع إلى تصحيح شيء مما يجده في كتب التفسير رجع إلى أهل العلم بذلك الفن سائلًا لهم عن الرواية لا عن الرأي.

وقد كان من هذه الطبقة غالب الصحابة والتابعين وتابعيهم (٢) الذين يقول فيهم النبي (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم


(١) يلح.
(٢) راجع أيضًا: البدر الطالع ٢/ ٨٨؛ إرشاد الفحول ص ٢٦٨.

<<  <   >  >>