للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن أراد أن يكون حاسبًا اشتغل بعلم الحساب، ومؤلفاته معروفة، وهكذا من أراد أن يطلع على علم الفلسفة فإنه يحتاج إلى معرفة العلم الرياضي، وهو علم يُعرف به أحوال الكمّ المتصل والمنفصل، والعلم الطبيعي، وهو العلم الباحث عن أحوال عالم الكون والفساد. والعلم الإلهي، وهو العلم الباحث عن أحوال الموجود بما هو موجود، مع ما يتعلق بذلك من أحوال المبدأ والمعاد. وهكذا علم الهندسة، وهو العلم الباحث عن مقادير الأشياء كمًّا وكيفًا ومبادية الأشكال، فمن جمع هذه العلوم الأربعة أعني الرياضي والطبيعي والإلهي والهندسة صار فيلسوفًا. والعلم بالعلوم الفلسفية لا ينافي علم الشرع بل يزيد المتشرع الذي قد رسخت قدمه في علم الشرع غبطة بعلم الشرع ومحبة له، لأنه يعلم أنه لا سبيل للوقوف على ما حاول الفلاسفة الوقوف عليه إلا من جهة الشرع، وإن كل باب غير هذا الباب لا ينتهي بمن دخل إليه إلى غاية وفائدة.

ومن كان مريدًا لعلم الطب فعليه بمطالعة كتب جالينوس، فإنها أنفع شيء في هذا الفن باتفاق من جاء بعده من المشتغلين بهذه الصناعة إلا النادر القليل. وقد انتقى منها جماعة من المتأخرين ستة عشر كتابًا وشرحوها شروحًا مفيدة. فإن تعذر عليه ذلك فاكمل ما وقفت عليه من الكتب الجامعة بين المفردات والمركبات والعلاجات كتاب (القانون) لابن سينا (١) و "كامل الصناعة" المشهور "بالملكي" لعلي بن العباس (٢). ومن أنفع المختصرات في هذا الفن الذخيرة لثابت بن قرة (٣)، فإنها قد تضمنت من العلاجات النافعة


(١) هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا المتوفى سنة ٤٢٨ هـ وكتابه مطبوع ومتداول.
(٢) هو علي بن عباس المجوسي عالم بالطب من الأهواز توفي سنة ٤٠٠ هـ تقريبًا وكتابه مطبوع في أوربا.
(٣) هو ثابت بن قرة بن زهرون الحراني طبيب وحاسب وفيلسوف توفي سنة ٢٨٨ وكتابه الذخيرة في الطب، طبع في أوربا.

<<  <   >  >>