للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووقع من آخر في حديث "لا سبق إلّا في خفّ أو حافر أو نصل" (١) فزاد في الحديث أو "جناح" (٢) موافقة للملك الذي رآه يلعب بالحمام ويسابق بينها ووضع جماعة مناقب لقوم وآخرون مثالب لآخرين لا حامل لهم على ذلك إلّا حب الدنيا والطمع في الحطام والتقرب إلى أهل الرئاسة بما ينفق لديهم ويروج عليهم نسأل الله الهداية والحماية من الغواية.

وكم قد سمعنا ورأينا في عصرنا من أهله، فكثيرًا ما نرى الرجل يعتقد في نفسه اعتقادًا يوافق الحق ويطابق الصواب، فإذا تكلم عند من يخالفه في ذلك ويميل إلى شيء من البدعة، فضلًا عن أن يكون من أهل الرئاسة وممن بيده شيء من الدنيا، فضلًا عن أن يكون من الملوك، وافقه وساعده وسانده وعاضده، وأقل الأحوال أن يكتم ما يعتقده من الحق ويغمط ما قد تبين له من الصواب، عند من لا يجوّز منه ضررًا ولا يقدّر منه نفعًا، فكيف ممن عداه وهذا في الحقيقة من تأثير الدنيا على الدين والعاجلة على الآجلة، وهو لو أمعن نظره وتدبر ما وقع فيه لعلم أن ميله إلى هوى رجل أو رجلين أو ثلاثة أو أكثر ممّن يجاملهم في ذلك المجلس ويكتم الحق مطابقة لهم واستجلابًا لمودتهم واستبقاء لما لديهم وفرارًا من نفورهم، هو من التقصير بجانب الحق، والتعظيم لجانب الباطل، فلولا أن هؤلاء النفر لديه أعظم من


= الحديث وولاه الرشيد القضاء بعسكر المهدي قال الإمام أحمد بن حنبل هو أكذب الناس كان يضع الحديث غالب ليله توفي سنة ٢٠٠ (الأعلام ج ٩ ص ١٥١). (الحبشي).
(١) حديث: لا سبق إلّا في خف. . إلخ أخرجه أبو داود (٢٥٧٤) الترمذي (٢٢) النسائي ٦/ ٢٢٧ ابن ماجة (٢٨٧٨) البيهقي ١٠/ ٦، الطبراني ١٠/ ٣١٤ رقم (١٠٧٦٤)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد (٥/ ٢٦٣) وقال: وفيه عبد الله بن هارون وهو ضعيف بهذا الحديث وغيره.
(٢) وضع هذه الزيادة غياث بن إبراهيم النخعي ليجامل بها المهدي العباسي لأنه كان يُحِبُ اللعب بالحمام، انظر: ابن الجوزي الموضوعات ١/ ٤٢، ابن عدي الكامل في الضعفاء والمتروكين ٤/ ١٥٧٣.

<<  <   >  >>