الطبقة الثامنة
في أعيان القرن الثامن
حرف الألف
الشيخ إبراهيم بن شهريار الهمذاني
الشيخ العارف الكبير إبراهيم بن شهريار الهمذاني الشيخ فخر الدين العراقي، كان من
العلماء المعروفين بالفضل والصلاح.
ولد ونشأ بهمذان وحفظ القرآن في صغر سنه وجوده، ثم اشتغل بالعلم ونال حظاً وافراً
منه في السابع عشر من سنه، فدرس وأفاد زماناً في إحدى المدارس من تلك البلدة.
وكان يدرس ذات يوم إذ جاءت طائفة من القلندرية وكان معهم غلام بديع الجمال، فمال إليه
إبراهيم وشغفه حبه، فترك التدريس ولحق بهم حتى ورد ملتان، ورآه الشيخ الكبير بهاء
الدين زكريا الملتاني وكانت علائم الرشد والسعادة تلوح على جبينه، فجذبه إليه وأفرزه من
تلك الجماعة وأجلسه في الأربعين، فلم تمض عليه عشرة أيام إلا وأنشأ أبياتاً بالفارسية
وكان ينشدها بلحن شجي، فلما سمع الناس إنشاده تلك الأبيات أنكروا عليه لأن طريقة
الشيخ كانت منحصرة في الخلوة والمراقبة والذكر، فلما سمع الشيخ إنكار الناس منعهم عن
ذلك، حتى قال له بعض خواصه: إني سمعت المغنين يغنونه في الخرابات، وأنشد تلك
الأبيات عند الشيخ، فلما وصل إلى هذا البيت.
جو خود كردند راز خويشتن فاش عراقي را جرا بدنام كردند
قال الشيخ: ثم أمره، وقام وراح إلى الخلوة وقال: أخرج، فخرج العراقي ووضع رأسه على
قدم الشيخ، فألبسه الخرقة وزوجه بابنته.
ولبث العراقي في ملتان خمساً وعشرين سنة، ثم سافر للحج والزيارة فسعد بهما، ثم سار
إلى قونية وقرأ الفصوص على الشيخ صدر الدين القونيوي، ثم سار إلى مصر وولي المشيخة
بها فمكث مدة بمصر القاهرة، ثم سار إلى دمشق ومات بها.
وله مصنفات ممتعة، منها اللمعات بالفارسية صنفها في قونية.
ومن شعره قوله:
نخستين باده كاندر جام كردند ز جشم مست ساقي وام كردند
براي صيد مرغ جان عاشق ز زلف فتنه جويان وام كردند
بعالم هر كجا رنج وبلائيست بهم كردند وعشقش نام كردند
جو خود كردند راز خويشتن فاش عراقي را جرا بد نام كردند
قال الأمين بن أحمد الرازي في هفت أقليم: إنه مات سنة ثمان وثمانين وستمائة أو سنة سبع
وسبعمائة، وقال دولت شاه في تذكرة الشعراء: إنه مات سنة سبع وسبعمائة بدمشق،
فدفن عند قبر الشيخ محي الدين بن عربي رحمه الله تعالى.
وهذا الشيخ لم يكن مولده ومدفنه في الهند، ولذلك