الدوني وبأصفهان أبا الفتح محمد بن أحمد الحداد
وطبقتهم، وسمعت منه شيئاً يسيراً، وتوفي بمرو في صفر سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
[معز الدولة بهرام شاه الغزنوي]
الملك العادل الباذل معز الدولة بهرام شاه بن مسعود بن إبراهيم بن مسعود ابن محمود بن
سبكتكين الغزنوي السلطان المشهور، ولد ونشأ بغزنة، وتوفي والده مسعود سنة ثمان
وخمسمائة فقام بالملك بعده ولده أرسلان شاه، فقبض على إخوته وسجنهم وهرب بهرام
شاه إلى خراسان واحتمى بصاحبها سنجر بن ملك شاه، فتجهز سنجر للمسير إلى غزنة
وسار إليها ومعه بهرام شاه، ووقع المصاف بينه وبين أرسلان شاه فهزمه ودخل غزنة،
فأجلس بهرام شاه على سرير جده محمود فأقام الخطبة بغزنة له ولسنجر، فرجع سنجر إلى
خراسان، وذهب أرسلان شاه إلى بلاد الهند فاجتمع عليه أصحابه فقويت شوكته فتوجه
إلى غزنة، فلما عرف بهرام شاه قصده إليه خرج إلى باميان وأرسل إلى سنجر يعلمه الحال
فأرسل إليه عسكراً، وأقام أرسلان شاه بغزنة شهراً واحداً، ولما بلغه وصول عسكر
سنجر انهزم بغير قتال للخوف الذي قد باشر قلوب أصحابه ولحق بجبال أوغنان، وسار
بهرام شاه في أثره وقتله سنة اثنتي عشرة وخمسمائة.
ثم قام بالملك بعده وأحسن السيرة في رعيته، وقرب إليه العلماء وأحسن إليهم، وقدم بلاد
الهند وأصلح الفاسد، وأخذ على محمد باهليم نائبه بأرض الهند وقد عصى عليه فأدخله
في السجن، ثم أطلقه وأمره مرة ثانية وعاد إلى غزنة، فلما أبعد عن الهند جمع محمد باهليم
المذكور عسكراً من الأفغانية والخلج وغيرهما وشن الغارة على الهنود وفتح بلاداً وقلاعاً
ثم أظهر العصيان مرة ثانية.
فلما سمع بهرام شاه رجع إلى الهند، فلقيه بعساكره واقتتلوا أشد قتال فقتل محمد هذا
ومعه أبناؤه، فأمر على الهند حسين بن إبراهيم العلوي ورجع إلى غزنة، وقصده سنجر
شاه بعساكر سنة خمس وعشرين وخمسمائة فانهزم عنه، ثم بذل له سنجر الأمان وأعاد
إليه بلده وفارق غزنة عائداً إلى بلاده، وفي سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة قصده سيف الدين
السوري الغوري وملك مدينة غزنة، ففارقها بهرام شاه قبل وصوله إلى غزنة إلى بلاد الهند
وجمع جموعاً كثيرة وعاد إلى غزنة، فملكها وصلب السوري سنة أربع وأربعين وخمسمائة،
فلما سمع ذلك علاء الدين ملك الغور قصد غزنة بعساكره ومات بهرام شاه قبل وصوله إلى
غزنة.
وكان عادلاً، حسن السيرة، جميل الطريقة، محباً للعلماء، مكرماً لهم، باذلاً لهم الأموال
الكثيرة، وجامعاً للكتب تقرأ بين يديه ويفهم مضمونها، صنفوا له التصانيف الكثيرة في فنون
العلم، منها مخزن الأسرار صنفه له النظامي الكنجوي، ومنها كليلة ودمنة ترجموه من
العربي إلى الفارسي له، ومنها الحديقة صنف له أبو المجد مجدود بن آدم الغزنوي المعروف
بالسنائي سنة خمس وعشرين وخمسمائة.
وكانت مدة ولاية بهرام شاه خمساً وقيل ستاً وثلاثين سنة، قال ابن الأثير في الكامل: إنه
مات في شهر رجب سنة ثمان وأربعين وخمسمائة، وقال فرشته في تاريخه: إنه مات سنة
سبع وأربعين وخمسمائة على الأصح.
[سالار حسين العلوي]
سالار حسين بن إبراهيم العلوي أحد قواد الدولة الغزنوية، أمره بهرام شاه الغزنوي على
بلاد الهند بعد ما قتل محمد باهليم نائبه بأرض الهند فناب عنه مدة.