خاله، ثم رجع إلى الهند ومعه
أحد عشر ألف فارس، فقاتل الهنود وفتح دهلي وقنوج ومانكبور وكزه وستركهه وبلاداً
أخرى، ولما وصل إلى بهرائج قتل بيد الكفار في الرابع عشر من رجب سنة أربع وعشرين
وأربعمائة- انتهى ملخصاً.
وأنت تعلم ما في هذه القصة من الأمور ليس لها مساغ إلى الصحة، فالأقرب إلى الصواب
ما ذكر محمد قاسم من سنة وفاته، ويشبهها ما في منتخب تنقيح الأخبار لكندن لعل بن
منو لعل الأودي فإنه قال: أن راجه بالادت قتله سنة ثمان وثمانين وخمسمائة المطابقة لسنة
تسع عشرة ومائتين وألف البكرمية.
ثم إني ظفرت بمعيار الأنساب لكرامت حسين النصير آبادي، فإذا فيه أن زكريا الحسيني
الجائسي وفد الهند مرافقاً للسيد سالار مسعود الغازي في عهد خسرو ملك وغزا الهنود
وفتح جائس، وهذا القول أيضاً مؤيد لما ذكرناه- والله أعلم.
[مسعود بن سعد اللاهوري]
العميد الأجل سعد الدولة مسعود بن سعد بن سلمان اللاهوري المشهور بالفضل
والكمال، ذكره نور الدين محمد العوفي وقال: إنه ولد ونشأ بهمذان، والصحيح أنه ولد بلاهور
ونشأ بها، كما صرح به صاحب الترجمة في قصائده، وتنبل في أيام السلطان إبراهيم بن
مسعود الغزنوي وأقبل إلى الشعر بعد ما نال الفضيلة في كثير من العلوم والفنون، فقربه
سيف الدولة محمود بن إبراهيم الغزنوي إلى نفسه حين كان نائباً عن أبيه في بلاد الهند،
وولاه الأعمال الجليلة فصار في خفض من العيش والدعة، ومنحه الشعراء في القصائد
البديعة، وكان يجزل عليهم الصلات الجزيلة، وكان في ذلك الحال زماناً حتى توهم إبراهيم بن
مسعود الغزنوي من محمود وتحسس منه شيئاً فأمر بحبسه سنة ٤٧٥ هـ، وأخذ ندماءه فقتل
منهم جماعة وحبس آخرين، منهم مسعود بن سعد نزعوا ما له من العروض والعقار في
الهند فسار إلى غزنة ليستغيث السلطان، فأمر بحبسه في قلعة سو، ثم في قلعة ذهك ولبث
بهما سبع سنين، ثم نقلوه إلى قلعة نائي وأقام بها ثلاث سنين، وأنشأ لاستخلاصه رقائق
أبيات تحرق الصدور وتذيب الصخور وأرسلها إلى السلطان وغلى نوابه فلم يلتفوا إليه
عشر سنين، ثم خلصه من الأسر لشفاعة أبي القاسم الخاص فرجع إلى الهند واعتزل في
بيته زماناً.
ولما تولى المملكة السلطان مسعود بن إبراهيم الغزنوي وأمر على بلاد الهند ولده عضد
الدولة شيرزاد وجعل أبا النصر هبة الله الفارسي نائباً عنه في الأعمال ولاه أبو نصر على
جالندهر من أعمال لاهور، فسار إليهما واشتغل بالحكومة مدة، ولما عزل أبو نصر عن
الوزارة عزلوه أيضاً وحبس في قلعة مرنج فلبث بها نحو تسع سنين، وأنشأ بديع القصائد في
مدائح الأمراء فلم يلتفت إليه أحد منهم حتى وفق الله سبحانه ثقة الملك طاهر بن علي بن
مشكان الوزير فتقدم إلى شفاعته وأطلقه السلطان مسعود بن إبراهيم من الأسر، فاعتزل في
بيته بمدينة لاهور.
قال العوفي: له ثلاثة دواوين في الألسنة الثلاثة: العربية والفارسية والهندية، وديوانه الفارسي
متداول في أيدي الناس، وأما العربي والهندي فطارت بهما العنقاء، قال: وله كتاب جمع فيه
مختاراته من أبيات الفردوسي في شاهنامه، وقد أورد الرشيد الوطواط في حدائق السحر
عدة أبيات له بالعربية.
ومن حبسياته
رسيد عيدو من از روىء حور دلبر دور جكونه باشم بي روىء آن بهشتي حور
مراكه كويد كاي دوست عيد فرخ باد نكار من به لهاوور ومن به نيشايور
قد ركضت في الدجى علينا دهما خدارية الأعنه
فبت اقتاسها فكانت حبلى نهارية الأجنه