ثم خرج إليهم فقبضوا عليه، وأنفذه
محمد إلى قلعة كيكي محفوظاً، وأمر بإكرامه وصيانته، ثم فوض محمد أمر دولته إلى ولده
أحمد، وكان فيه خبط وهوج فاتفق مع ابن عمه يوسف، وابن علي خويشاوند وغيرهما
على قتل مسعود فقتلوه.
وكان السلطان مسعود شجاعاً كريماً، ذا فضائل كثيرة، محباً للعلماء، كثير الإحسان إليهم
والتقرب لهم، صنفوا له التصانيف الكثيرة في فنون العلم كالقانون المسعودي في الفنون
الرياضية، صنفه أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني المنجم، والكتاب المسعودي في الفقه
الحنفي، صنفه القاضي أبو محمد الناصحي، وكان مسعود كثير الصدقة والإحسان إلى
أهل الحاجة، تصدق مرة في شهر رمضان بألف ألف درهم، وأكثر الإدرارات والصلات،
وعمر كثيراً من المساجد في ممالكه، وكانت صنائعه ظاهرة مشهورة تسير بها الركبان مع
عفة من أموال رعاياه، وأجاز الشعراء بالجوائز العظيمة، أعطى شاعراً على قصيدة ألف
دينار وأعطى آخر بكل بيت ألف درهم، وكان يكتب خطاً حسناً، وكان ملكه عظيماً
فسيحاً، ملك أصفهان والري وهمذان وما يليها من البلاد، وملك طبرستان وجرجان
وخراسان وخوارزم وبلاد الراون وكرمان وسجستان والسند والرخج وغزنة وبلاد الغور
وبنجاب من أقطاع الهند، وملك كثيراً منها، وأطاعه أهل البر والبحر، ومناقبه كثيرة وقد
صنفت فيها التصانيف المشهورة فلا حاجة إلى الإطالة.
وكانت وفاته في سنة اثنتين وثلاثين وأربع مائة كما في الكامل.
[نوشتكين الحاجب الكرخي]
نوشتكين الحاجب الكرخي كان من قواد الدولة الغزنوية، ولاه عبد الرشيد بن محمود بن
سبكتكين الغزنوي على بلاد الهند- لعله سنة إحدى وأربعين وأربع مائة- وبعثه إلى
لاهور، فناب عنه وأحسن السيرة وفتح نكركوث مرة ثانية، كما في تاريخ فرشته.