أيدي الناس،
فقام السلطان لدفع الأسباب المذكورة وعين الجواسيس على الناس حتى ضاق عليهم
الكلام في أمر من الأمور في الخلوة ثم أصلح الطرق والشوارع بحيث لا يقدر أحد أن يتعرض
لعجوز في الطريق من منتهى أرض بنكاله إلى بلاد السند، ثم نهى الناس عن شرب الخمر
وأهرقها وكسر الظروف، ونهى الأمراء أن يصاهر بعضهم بعضاً بدون إذنه، ثم توجه إلى
المال وقبض ما كان في أيدي الناس من أقطاع الأرض والقرى وقفاً كان أو ملكاً أو إنعاماً
تبرعاً من الملوك فجعل كلها خالصة له، ومد يده في أموال الناس فأخذها بالمصادرة، ثم
أسس القوانين للمالية ليستوي الضعيف بالقوي: ألف أن يؤخذ النصف من غلات الأرض
لبيت المال على وجه المساحة بغير استثناء، ب أن ما يحصل للمقدم والجودهري أيضاً
يدخل في بيت المال، ج لا يساغ للناس أن يزيدوا على أربع بقرات للزرع وجاموستين وبقرتين
واثني عشر رأساً من المعز سواء كان مقدماً أو جودهرياً أو كان من عامة الناس، د أن
يؤخذ منهم مكس العلف على رؤس الدواب، ثم شدد في تنفيذها حتى استوت الضعفاء
بالأقوياء.
ثم سار بعساكره إلى حصن جتور وكان من أحصن الحصون وأمنعها في بلاد الهند،
ففتحها عنوة في سنة ثلاث وسبعمائة، وبعث عساكره إلى ورنكل من بلاد دكن.
وقدم عساكر التتر العظيمة في تلك السنة فهزمهم، ثم قدم التتر في سنة سبع وسبعمائة
بأربعين ألف فارس ووصلوا إلى أمروهه، فبعث إليهم الغازي ملك تغلق الذي ولي الملك
بعد مبارك شاه فقاتلهم وأكثر الفتك والأسر فيهم وغنم منهم عشرين ألف فرس.
وبعث عين الملك الملتاني إلى بلاد مالوه فقاتل صاحبها وقبض على أجين ومندو ودهار
وجنديري وغيرها من البلاد العظيمة، ثم قدم التتر فبعث الغازي ملك تغلق إليهم فقاتلهم
قتالاً شديداً وهزمهم إلى بلادهم، ثم بعث العساكر إلى ديوكير، ولما عرف صاحبها عجزه
عن المقاتلة خرج منها ولقي مقدم العساكر الاسلامية وأهدى إليه الهدايا الجميلة، ثم جاء
إلى دهلي وأدرك علاء الدين وأذعن له بالطاعة، فأقطعه علاء الدين بلاده وضم إليها بعض
البلاد من إيالة كجرات.
وأما عساكره المبعوثة إلى ورنكل، وكانت كرسي بلاد دكن، فإنهم وصلوا إلى ذلك الحصن
وحاصروه وأداموا الحصار وضيقوا على أهلها وقاتلوهم قتالاً شديداً حتى فتح الله
سبحانه عليهم بالمصالحة على مال يؤديه صاحبها عاجلاً وآجلاً، وكذلك بعث عساكره إلى
بلاد المعبر ففتحوها وأسسوا بها مسجداً وهو أول مسجد أسس بتلك البلاد.
قال محمد قاسم بن غلام علي البيجابوري في تاريخه: إن عدة المعارك العلائين كانت أربعاً
وثمانين وفي كلها ظفر وغنم، وكانت عدة خدمه سبعين ألفاً، سبعة آلاف منهم كانوا بنائين،
انتهى.
ثم إنه أسس قواعد السعر للأطعمة والأقمشة ولكل ما يحتاج إليه الناس، أما وضع
القواعد لسعر الأطعمة فالأولى منها أنه ولي رجلاً من أهل الدين والأمانة على الإحتساب في
سوق الأطعمة لينظر في الأسعار، والثانية أنه أمر أن ما تحصل من زروع الخالصة الشاهانية
من الغلة تخزن في العمالات، فإن ارتفع السعر أو قلت الأطعمة بيعت أطعمة المخزن بثمن
معين، والثالثة أنه أمر المحتسب باحضار التجار وإسكانهم على شاطئ نهر جمنا بمدينة
دهلي وأمرهم أن يأتوا بالأطعمة من نواحي الأرض ويبيعوها بالأسعار التي قررها السلطان،
والرابعة أن يمنع الناس عن الإحتكار ويشدد عليهم إن ثبت ذلك، والخامسة أنه إذا حصد
الزرع فلا يساغ لهم أن يختزنوه بل يبيعونه كله في تلك الساعة غير ما يكفيهم للقوت في تلك
السنة، والسادسة أنه أمر المحتسب أن يعرض عليه كل يوم أسعارهم وكان يتفقد بنفسه
ويسأل عن أسعارهم ويعزرهم إن لم يأتمروا بها.
وأما وضع القواعد لحفظ أسعار الأقمشة فالأولى منها أنه بنى حوانيت عالية البناء عند
الباب البدايوني بمدينة دهلي وأمر أن يسكن به البزازون ويبيعوا الأقمشة