الملوك فزادوا في ألقابه كوركان وهو
بلغة المغول الختن لكونه صاهر الملوك وكان أبوه فقيراً فانقلب الدور وصار شاباً أميراً.
وكان أمياً محباً للفقراء والعلماء صاحب فراسة وكياسة وقد خضعت له العساكر
واجتمعت له الأكابر والأصاغر بحسن تدبيره ومساعدة الجد وكان إذا دخل بلدة مكر
وغدر وسفك الدماء وفعل الأفاعيل، وقد صفت له ممالك سمرقند وولاياتها وممالك ما وراء
النهر وجهاتها وتركستان وما حواليها وممالك خوارزم وكاشغر وبلخستان وما يتعلق بها
واقليم خراسان وغالب ممالك مازندران وزاوستان وطبرستان وغزنة واستراباد وغيرها من
البلاد، وقصد بلاد الروم والشام وفعل فيها ما فعل.
وكان ابتداء استقلاله بالملك سنة إحدى وسبعين وسبعمائة، وتخريب تيمور دمشق كان
في سنة ثلاث وثمانمائة، ودخوله ببلاد الروم في سنة أربع وثمانمائة، ودخوله بحلب سنة ثلاث
وثمانمائة.
وأما دخوله بأرض الهند كان في الثاني عشر من شهر الله المحرم في سنة إحدى وثمانمائة
ففتح بلاد السند وبنجاب وقتل خلقاً وأسر ونهب ودخل دهلي في السادس عشر من
جمادي الأولى سنة إحدى وثمانمائة وقتل خلقاً لا يحصون بحد وعد، وخرج ناصر الدين
محمود صاحب الهند إلى كجرات ووزيره إقبال خان إلى برن فأقام بدهلي خمسة عشر يوماً
ثم رجع إلى بنجاب ومنها إلى ما وراء النهر.
وكان رجلاً ذا قامة شاهقة كأنه من بقايا العمالقة عظيم الجبهة والرأس شديد القوة والبأس
أبيض اللون مشرب حمرة عظيم الأطراف عريض الأكتاف، مستكمل البنية مسترسل
اللحية أعرج اليمين وعيناه كشمعتين جهير الصوت لا يهاب الموت، وكان من أبهته وعظمته
أن ملوك الأطراف وسلاطين الأكناف مع استقلالهم بالخطبة والسكة إذا قدموا عليه
وتوجهوا بالهدايا إليه كانوا يجلسون على أعتاب العبودية والخدمة نحواً من ممد البصر من
سرادقاته وإذا أراد منهم واحداً أرسل أحد خدمه فينادي باسمه فينهض في الحال.
وقد نسب إليه بعض رسائل، منها كتاب في التنظيمات السياسية والعسكرية، وكتب
سيرته عدة مؤرخين بعضهم أطال وبعضهم أوجز وحكوا عنه حكايات كثيرة، وأحسن
تاريخ له وإن كان مبنياً على مدحه تاريخ شريف الدين علي الفارسي ترجم إلى
الفرنساوية.
وقيل في سبب وفاته أنه لما رجع إلى بلاده وشرب من العرب فأفرط وتقياً الدم وتوفي
بنواحي مدينة اترار في سابع عشر شعبان سنة سبع وثمانمائة وقد جاوز الثمانين، ومدة
ملكه ست وثلاثون سنة، نقلت جثته إلى سمرقند.
حرف الثاء المثلثة
مولانا ثناء الدين الملتاني
الشيخ الفاضل العلامة ثناء الدين بن قطب الدين الحنفي الملتاني أحد العلماء المبرزين في
العلوم الحكمية، ولد ونشأ بمدينة ملتان وقرأ بها حيثما أمكنه ثم سافر إلى شيراز وأخذ
المنطق والحكمة وغيرهما عن السيد الشريف زين الدين علي الجرجاني صاحب المصنفات
المشهورة ثم رجع إلى الملتان ودرس بها مدة عمره، أخذ عنه الشيخ سماء الدين بن فخر
الدين الملتاني وخلق كثير من العلماء، كما في تاريخ المشاهير.
حرف الجيم
الشيخ جلال الدين الكجراتي
الشيخ الكبير المعمر جلال الدين الصوفي الجشتي الكجراتي أحد المشايخ المشهورين ولد
ونشأ بأرض كجرات وأخذ الطريقة عن الشيخ بياره ولازمه مدة ثم سافر إلى بنكاله وأسلم
على يده خلق كثير من أهل كوروبنكك.
وكان شيخاً جليلاً وقوراً عظيم الهيبة كبير المنزلة مرزوق القبول، يجلس على السرير مثل
الملوك والسلاطين ويحكم في الناس كحكمهم، أخذ عنه الشيخ محمد بن منكن الملاوي
وخلق كثير وأسلم على يده خلق من أهل بنكاله.