دع الدهر يفعل كيف شاء فقلما يروم امرؤ شيئاً وليس يواصله
وما الدهر إلا قلب في أموره فلا يغترر في الحالتين معامله
ويا طالما طاب الزمان لواجد فسر وقد ساءت لديه أوائله
سقى ورعى الله الحجاز وأهله ملثاً تعم الأرض سقياً هواطله
فإن به دار ودار عزيزة علي ومهما أشغل القلب شاغله
ولكن لي شوقاً إلى خلتي التي متى ذكرت للقلب هاجت بلابله
أبيت ولي منها حنين كأنني طريح طعان قد أصيبت مقاتله
هوى لك ما ألقاه يا عذبة اللمى وإلا فصعب ما أنا اليوم حامله
أكابد فيك الشوق والشوق قاتلي وأسأل عمن لم يجب من يسائله
تقي الله في قتل امرء طال سقمه وإلا فإن الهجر لا شك قاتله
صليه فقد طال الصدود فقلما يعيش امرؤ والصد ممن يقاتله
حزين لما يلقاه فيك من الجوى فها هو مضني مدنف الجسم ناحله
بلى إن يكن لي من علي وعزمه معين فإني كلما شئت نائله
فراجعه عنها بقوله:
إليك فقلبي لا تقر بلابله إذا ما شدت فوق الغصون بلابله
تهيج لي ذكرى حبيب مفارق زرود وحزوي والعقيق منازله
سقاهن صوب الدمع مني ووبله منازل لا صوب الغمام ووابله
يحل بها من لا أصرح باسمه غزال على بعد المزار أغازله
تقسمه للحسن عبل ودقة فرن وشاحاه وصمت خلاخله
وما أنا بالناسي ليالي بالحمى تقضت وورد العيش صفو مناهله
ليالي لا ظبي الصريم مصارم ولا ضاق ذرعاً بالصدود مواصله
وكم عاذل قلبي وقد لج في الهوى وما عادل في شرعة الحب عاذله
يلومون جهلاً بالغرام وإنما له وعليه بره وغوائله
فلله قلب قد تمادى صبابة على اللوم لا تنفك تغلى مراجله
وبالحلة الفيحاء من أبرق الحمى رداح حماها من قنا الخط ذابله
تميس كما ماس الرديني مائداً وتهتز عجباً مثل ما اهتز عامله
مهفهفة الكشحين طاوية الحشا فما مائد الغصن الرطيب ومائله
تعلقتها عصر الشبيبة والصبا وما علقت بي من زماني حبائله
حذرت عليها آجل البعد والنوى فعاجلني من فادح البين عاجله
إلى الله يا أسماء نفساً تقطعت عليك غراماً لا أزال أزاوله
وخطب بعاد كلما قلت هذه أواخره كرت على أوائله
لئن جار دهر بالتفرق واعتدى وغال التداني من دهى البين غائله