الدين بلبن وكان أمير الحاجب فولى القضاء بكواليار وخطابتها، وولي أوقاف
المدرسة الناصرية يوم الخميس السابع عشر من صفر سنة ٦٤٣، وصنف ناصري نامه
منظومة في غزوات ناصر الدين محمود بن الإيلتمش سنة خمس وأربعين، فنال الصلات
الجزيلة من غياث الدين بلبن أمير الحاجب وأعطى قرية بأعمال هانسي وولي قضاء الممالك
مرة ثانية بحضرة دهلي يوم الأحد عاشر جمادى الأولى سنة تسع وأربعين وستمائة، وعزل
عنه لثلاث بقين من رجب سنة إحدى وخمسين وستمائة، ولقب بصدر جهان سنة اثنتين
وخمسين، وولي قضاء الممالك مرة ثالثة يوم الأحد الثالث والعشرين من ربيع الأول سنة
ثلاث وخمسين وستمائة، صرح بذلك في كتابه طبقات ناصري.
وكان عالماً بارعاً في الفقه والأصول والسير والتاريخ والشعر، وفيه من حسن الخلق
والتواضع وكرم السجايا ومعرفة حقائق القضايا ما هو غاية ونهاية، وقد أدركه الشيخ نظام
الدين محمد البدايوني حين دخل دهلي وكان يقول: إنه كان يستمع الغناء ويتواجد واستقام
على ذلك بعد ما تولى القضاء، وكان مذكراً تؤثر موعظته في قلوب الناس، قال: إني حضرت
في تذكيره مرة وكان ينشد.
لب بر لب لعل دلبران خوش كردن وآهنك سر زلف مشوش كردن
امروز خوش است ليك فرداست زيان خود را جو خسي طعمة آتش كردن
قال: فغشي علي وأفقت بعد ساعة، كما في فوائد الفؤاد، وللشيخ منهاج ابن السراج
مصنفات عديدة، منها طبقات ناصري في التاريخ صنفه في أيام ناصر الدين محمود بن
الإيلتمش، وله ناصري نامه في غزواته، وله قصائد غراء بالفارسية في المديح.
أما كتابه طبقات ناصري فهو على ثلاثة وعشرين مجلداً، الأول في تاريخ الأنبياء، والثاني في
أخبار الخلفاء الأربعة، والعشرة المبشرة، وأعقاب سيدنا علي رضي الله عنه، والثالث في
أخبار الخلفاء الأموية، والرابع في أخبار الخلفاء العباسية إلى سنة ٦٥٦ هـ، والخامس في
أخبار ملوك الفرس من طائفة بيشدادي إلى الأكاسرة ثم إلى يزدجرد، والسادس في تاريخ
ملوك اليمن، والسابع في أخبار الطاهرية إلى ٢٥٩، والثامن في أخبار الصفاريين إلى ٢٨٩،
والتاسع في أخبار السامانية من ٢٨٩ إلى عبد الملك بن نوح، والعاشر في أخبار آل بويه من
بدء أمرهم إلى أبي الفوارس شرف الدولة، والحادي عشر في أخبار ملوك غزنة من
سبكتكين إلى خسرو ملك، والثاني عشر في أخبار الملوك السلجوقية، والثالث عشر في
أخبار السنجرية من أتابكة العراق وأتابكة الفرس وملوك نيسابور، والرابع عشر في أخبار
ملوك نيمروز سجستان، والخامس عشر في أخبار أتابكة الشام وأيوبية مصر، والسادس
عشر في أخبار ملوك خوارزم، والسابع عشر في أخبار الشبستانية من ملوك الغور، والثامن
عشر في أخبار ملوك باميان وطخارستان، والتاسع عشر في ذكر ملوك الشبستانية بغزنة،
والعشرون في أخبار الملوك المعزية بالهند وفيه أخبار قطب الدين أيبك، وناصر الدين
قباجه، وبهاء الدين طغرل، وأخبار بختيار الخلجي ومن بعده إلى غياث الدين، الحادي
والعشرون في أخبار الملوك الشمسية بالهند من شمس الدين إيلتمش إلى ناصر الدين محمود،
الثاني والعشرون في أخبار نواب الملوك الشمسية بأقطاع الهند، الثالث والعشرون في
غزوات السلطان سنجر وفتح تركستان بيد خوارزم شاه إلى سنة ٦٥٨ هـ.