أحد مرازبة ناكود من
بلاد بكهيلكهند التدريس فدرس بها مدة ثم ولي الإنشاء ثم العدل والقضاء وتحصيل الخراج.
وكان من أعاجيب الزمان ذكاءاً وفطنة وعلماً وعملاً وعفة وديانة وزهداً وسخاءاً، لم يلتفت قط إلى
زخارف الدنيا والشهوات مع ما منحه الله سبحانه من إقبال الدنيا عليه فكانت وظيفته بذل الأموال
على أرباب الحوائج وبذل الجهد في إسعاف المرام والاشتغال بتلاوة القرآن ومطالعة الكتب وكتابة
الصحف وعبادة الله عز وجل، وكان يقنع بما يكفيه من اللباس والطعام ولا يتصدر في المجلس ولا
يغضب على أحد ولا يكابر ولا يستريح على الفرش المرفوعة ويعفو ويسامح عن الخطايا، وله من
التواضع ما لا يساويه فيه أحد ولا يصدق بذلك إلا من تاخمه وجالسه فإنه كان لا يعد نفسه إلا كأحد
من الناس، وكانت له اليد الطولى في صناعة الخط والشعر والصياغة والتذهيب وغير ذلك من فنون
أخرى.
مات سنة تسع وستين ومائتين وألف بالفالج في ناكود وله ثمان وأربعون سنة، وكانت آخر كلمة
رطب بها لسانه: هو الرفيق الأعلى.
مولانا عبد العلي الرامبوري
الشيخ الفاضل عبد العلي بن عمران بن غفران الحنفي الأفغاني الرامبوري أحد الأفاضل المشهورين
في عصره، ولد ونشأ برامبور، وقرأ العلم على جده وأبيه وحفظ القرآن وجوده، ثم درس وأفاد، مات
سنة سبع وتسعين ومائتين وألف، كما في تذكرة العلماء للناروي.
ملك العلماء عبد العلي اللكهنوي
الشيخ الإمام العالم الكبير العلامة عبد العلي بن نظام الدين بن قطب الدين ابن عبد الحليم الأنصاري
السهالوي اللكهنوي بحر العلوم ملك العلماء.
كان معدوم النظير في زمانه، رأساً في الفقه والأصول، إماماً جوالاً في المنطق والحكمة والكلام، ولد
ونشأ بمدينة لكهنؤ وقرأ العلم على والده وفرغ منه وله سبع عشرة سنة، فحينئذ زوجه والده بقرية
كاكوري ومات بعد ستة أشهر من فراغه، فاشتغل عبد العلي بمطالعة الكتب وانقطع إلى البحث
والاشتغال بمراجعته على الشيخ كمال الدين الفتحبوري، وكان أجل تلامذة والده وأسنهم فكان يباحثه
بحثاً دقيقاً في المسائل طلباً للحق وإدراكاً للصواب وهو يرشده إلى إفادات والده وإفاداته المخصوصة
وكان لا يشمئز عن مباحثته إياه، قال الشيخ ولي الله في الأغصان الأربعة: إن الناس قالوا للشيخ
كمال الدين إن هذا الطفل يباحثك غاية البحث ويكلمك غير مبال للأدب وأنتم لا تؤدبونه ولا
تسخطون عليه، فأجابهم بأن له وجوهاً: الأول أن والده نظام الدين كان أستاذي ومن الله استنادي
فلست أن أكافئ ما أحسن إلى والده، فكيف أن أحسن إليه؟ والثاني أن هذا الفتى حصل في حداثة سنه
بمقاساة التعب ومكابدة المحن ما لم يكن حاصلاً لأبيه في تلك السن، والثالث أن ما تيسر له في هذه
السن من سعة النظر على تحقيقات القدماء ومصنفات المتأخرين لا يتيسر للعلماء في مدة أعمارهم،
فإنه وإن كان صغير السن ولكنه يساوي في البحث والعلم العلامة صدر الدين الشيرازي والمحقق
جلال الدين الدواني، قال الشيخ ولي الله المذكور: إنه أحرز قصبات السبق عن كبار العلماء وسبق
في حلبة الرهان على أكابر الأساتذة لأنه كان مواظباً على مطالعة أسفار القدماء التي هي مأخذ
المتأخرين من العلماء وعمدتهم، ليلاً ونهاراً، وأما غيره من العلماء فمناط معلوماتهم ما كان مسموعاً
عن أساتذتهم ومأخوذاً من أقوال المتأخرين، وأين هذا من ذلك؟ انتهى.
وقد درس العلامة عبد العلي بمدينة لكهنؤ زماناً ثم سنحت له في بلدته سانحة عظيمة فاضطر إلى
الخروج من بلدة لكهنؤ وقصتها على ما ذكرها ولده عبد الأعلى في رسالة قطبية: إن نور الحسن
الشيعي البلكرامي وفد إلى لكهنؤ ومرض فسكن بدار الشيخ محب الله بن عبد الحق اللكهنوي في
فرنكي محل وكان رهين الفراش لا يستطيع أن يذهب إلى إحدى الحسينيات لزيارة الضرائح المتخذة
من القضبان والثياب على دأبهم في شهر المحرم فطلب الضريح في دار الشيخ محب الله المذكور
حيث كان مقيماً للتبرك به، وكانت