عطلت من خلخالس وسوار، ونارت من الأدب أشدّ النَّوار.
وإذا كان لك بتفضلُّ الله، أعدَّ معه خنجراً كخنجر ابن الرّوميّ، أو الذي عناه ابن هرمة في قوله:
لا أمتع العوذ بالفصال ولا ... أبتاع إلاّ قريبة الأجل
لا غنمي في الحياة مدّ لها ... إلاَّ دراك القرى، ولا إبلي
كم ناقةٍ قد وجأت منحرها ... بمستهلِّ الشُّؤبوب، أو جمل
فإذ جلس في منزله، مجلسه الذي يلتقط أهله زهر أسحار، بل لؤلؤ بحار، فيكون ذلك الخنجر قريباً منه، فإذا قضي أن يمرَّ بباب المسجد الكهل المرقَّب الذي أراده القائل بقوله:
إذا الكهل المرقَّب غاض ألنا ... إلى سيءّ له في القرو ثان
كأنَّ الذّارع المغلول منها ... سليبٌ من رجال الدَّيبلان
وثب إليه وثبة نمرٍ، إلى متخلِّفة وقير أمرٍ، أو أمر بعض أصحابه بالوثوب إليه، فوجأه بذلك الخنجر وجأةً فانبعث بمثل الدّم، أو الخالص من العندم، وقرأ هذه الآية:" إنَّ الحسنات يذهبن السِّيئات، ذلك ذكرى للذّاكرين ".
فإذا مضى صاحبه مستعدياً إلى السّلطان فقال: من فعل ذلك بك؟ فسمّاه له، قال السّلطان بمشيئة الله: لا حرَّ بوادي عوفٍ، ما أصنع بجنث الأدب وبقيّة أهله؟ ووطئها تحت قدمه، وحسبها من زعانف أدمه. ما يفعل ذلك مرّةً أو اثنتين، إلاّ وحمله الذّوارع قد اجتنبت تلك النّاحية، كما اجتنب أبو سفيان بن حربٍ طريقه من خوف النبي صلى الله عليه وسلم، فقال حسّان: