للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لم يرو لك إلاَّ هذه القصائد الثلاث، وقد حُكي أنّه يروي عنك الرائية التي أوَّلها: أزهير هل عن شيبةٍ من مقصر وأحسن بقولك:

ولقد وردت الماء لم يشرب به ... بين الشّتاء إلى شهور الصّيِّف

إلاّ عواسل كالمراط معيدةً ... باللَّيل مورد أيِّمٍ متغضِّف

زقبٌ يظلُّ الذِّئب يتبع ظلِّه ... فيه، فيستنُّ استنان الأخلف

فصددت عنه ظامئاً، وتركته ... يهتزُّ غلفقه، كأن لم يكشف

فيقول أبو كبيرٍ الهذليّ: كيف لي أن أقضم على جمراتٍ محرقاتٍ، لأرد عذاباً غدقاتٍ؟ وإنَّما كلام أهل سقر ويلٌ وعويلٌ، ليس لهم إلاّ ذلك حويلٌ، فاذهب لطيّتك، واحذر أن تشغل عن مطيَّتك.

فيقول، بلَّغه الله أقاصي الأمل: كيف لا أجذل وقد ضمنت لي الرَّحمة الدائمة، ضمنها من يصدق ضمانه، ويعمُّ أهل الخيفة أمانة؟ فيقول: ما فعل صخر الغيِّ؟ فيقال: هاهو حيث تراه. فيقول: يا صخر الغىِّ ما فعلت دهماؤك؟ لا أرضك لها ولا سماؤك! كانت في عهدك وشبابها رؤدٌ، يأخذك من حبابها الزَّؤد، فلذلك قلت:

إنّي بدهماء عزِّ ما أجد ... يعتادني من حبابها زؤد!

وأين حصل تليدك؟ شغلك عنه تخليدك، وحقّ لك أن تنساه، كما ذهل وحشيُّ دمي نساه.

وإذا هو برجلٍ يتضوّر، فيقول: من هذا؟ فيقال: الأخطل التَّغلبيّ، فيقول له: ما زالت صفتك للخمر، حتى غادرتك أكلاً للجمر، كم طربت السَّادات على قولك:

أناخوا فجرّوا شاصياتٍ كأنَّها ... رجالٌ من السُّودان لم يتسربلوا

<<  <   >  >>