للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

خلال شروح الحماسة تتسم ببعض المخالفة فيما ذهب إليه، وبخاصة حين نحاول تطبيق هذا المنهج على الخطيب التبريزي في شرحه للحماسة لا في شروحه للشعر الجاهلي، فالتبريزي وان كان في شرحه للحماسة تجميعياً انتخابياً تكميلياً فان جملة من الأقوال التي عرضها الدكتور العمري لصفات هذا المنهج لا تنطبق عليه بل تبدو- كما أسلفنا- نظرية بحته يصعب تطبيقها عملياً إلا عن طريق تصيد الأمثلة القليلة النادرة التي تخطر بين تضاعف هذا الشرح، فمن الأقوال التي طرحها الدكتور العمري في صفات هذا المنهج" أنه منهج يجمع من كل علم بطرف، ومن كل فن بلمحة، ومن كل تخصص بنبذة، ويوفق بين الجميع توفيقاً تامًا، وينسق بين أجزاء الشرح بانسجام يشعر بالتكامل والترابط" ومنها أيضًا "أنه منهج تتعادل فيه عناصر الشرح وتتآزر بحيث لا يطغى عنصر على آخر، وإنما توضع العناصر كلها جنبًا إلى جنب وفي مستوى واحد يكمل بعضها بعضًا".

فهذه الأقوال عندما عرضناها على شرح التبريزي في الحماسة وجدنا أنها تحتاج إلى توجيه وتمحيص، فنحن لا ننكر أن التبريزي قد حاول في شرحه أن يجمع من كل علم بطرف، ومن كل فن بلمحة، ومن كل تخصص بنبذة. أما انه كان يوفق بين الجميع توفيقًا تاماً وينسق بين أجزاء الشرح بانسجام يشعر بالتكامل والترابط، فهذا ما لم نحسه إلا في القليل النادر، ولو كان الأمر كما صوره الدكتور العمري لما رأينا الدكتور أحمد أمين- رحمه الله- يسجل انطباعه عن قراءته لشرح التبريزي فيقول: نحوى لغوي أكثر منه أدبياً وناقداً فكنت أقرأ الشرح أحياناً وأنا متعطش جداً لأفهم معني بيت فلا أجده لأن الشارح انصرف إلى شيء آخر".

وهذا الذي أحسه الدكتور احمد أمين وهو يقرأ شرح التبريزي يحسه كل قارئ لهذا الشرح فالتبرزي جماع منتخب ولكن تجميعه وانتخابه لا يبدو فيهما الانسجام والترابط إلا في جوانب قليلة من شرحه، أما في جمهور شرحه فان اللغة والنحو

<<  <   >  >>