للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وتتحدد طبيعة فهمه وعمق فكره، والأمثلة على ذلك متعددة وافرة سوف نعرضها عند التطبيق.

إن الشيء الوحيد الذي يختفي في شرحه هو الإبداع ولكنه قد عوض هذا الإبداع بسعة ثقافته وضخامة جمعة وغزارة تحصيله، وبالمحاولة الجادة في الانتخاب، وكل هذه أمور تفيد طلاب العلم من تلاميذه وقرائه، وتحقق الغاية التعليمية التي سلك من اجلها هذا المنهج في شرحه.

٥ - المنهج الاختصاري التسهيلي:

هو منهج اتجهت إليه فئة من العلماء لعوامل مختلفة أحدها: اقتناع هذه الفئة بأن الغاية من شرح الشعر هي الوصول إلى معني الشاعر ومقصده، وما دام الأمر ذلك فليكن الوصول إليه من أسهل الطرق وأيسر السبل.

وثانيها: اقتناعهم التام بأن الشروح التي صنعها العلماء لديوان الحماسة قد جاءت مسهبة في تناول عناصر الشرح بل إن بعضها قد جاء دالاً على ميول أصحابها نحو تخصص معين في العلوم التي تخدم الشرح حيث جاءت شروحهم في غلبتها موقوفة على هذا التخصص، مما أدي إلى طغيان عنصر ما على سائر العناصر الأخرى. كما رأت هذه الفئة أن جملة من الشروح قد عجت بالآراء النحوية وما فيها من خلافات، وباللغة وقضاياها واشتقاقاتها وتصاريفها وأوزانها، وامتلأت كذلك بتأويلات المعاني القريبة منها والبعيدة، وبالخلافات في الرواية وما يتبعها من قبول أو رفض وفق تعليلات منطقية أو نحوية أو لغوية أو بلاغية أو موسيقية، إلى غير ذلك من وسائل اختيار الرواية أو رفضها، كما زخرت بمناسبات الشعر وأحداثه وما يتصل بذلك من أنساب وأعلام وأشعار وأمثال وأخبار، الأمر الذي دفعها إلى الاتجاه نحو تصفية هذا الفيض الغزير وتنقيته وتقديمه في ثوب جديد موشي بالاختصار والإيجاز بدلاً من ثوبه القديم الموشي بالإسهاب والأطناب.

وثالثها: إدراك هذه الفئة بأن قراء الشروح يمثلون فئات متفاوتة في القدرة على التحصيل والعلم، متباينة في الطباع والأهواء، منها فئة يصعب عليه استيعاب

<<  <   >  >>