نسلط الضوء على أمرين يتصلان بشرحه، احدهما شخصيته والآخر مصادره، ففي رأينا أن شخصية المرزوقي لم تلعب دورها في الشرح من حيث المنهج والمسار فحسب بل كان لها دورها البارز في المصادر التي اعتمدها في شرحه، وهي شخصية- كما رأيناها في شرحه- أدبيه علمية لها في دنيا الأدب باع كبير، وفي مجال العلم سطوة عظمي، ولكنها بجانب هذا كانت شخصية موصوفة بالاعتداد والتعالي. نلمس ذلك من خلال ما أورتدته المصادر عنه، ومن خلال تصانيفه التي وصلت إلينا، فقد ذكرت المصادر أن الصاحب بن عباد ذا المكانة العالية في بلاط بني بويه دخل عليه ذات يوم وهو يعلم أبنا بويه فلم يقم له مما أدي إلى جفاء الصاحب له حين تولى الوزارة، وهذا الاعتداد في تكوينه النفسي والتعالي في غرائز طبعه كان لها أثر كبير في شرحه حيث برزت لديه صفات التفرد بالآراء والاستقلال في التفكير والتعبير، وهذا بطبيعة الحال أدي إلى أن يكون قليل الإفادة من شراح الحماسة الذين سبقوه، فهو على الرغم من أنه كان يشير إلى رجوعه إلى نسخ مختلفات للحماسة في الرواية فإنه نادراً ما يذكر الذين سبقوه بالعمل في الحماسة، بل إننا باستقرائنا له في هذا الجانب وجدناه لم يذكر سوى البرقي الذي نقل منه في خمسة مواضع فقط، ثلاثة منها في توضيح شاعر من شعراء الحماسة واثنان من رواية لم يعتمدها في شرحه
وفي إدراكنا إن الاعتداد والتعالى جعلاه يعتمد إهمال العلماء السابقين والمعاصرين له ممن كانت لهم صلة بعمله في الحماسة، وذلك مثل أبي الفتح بن جني- وهو من لا يجهل مكانه- كان إذا نقل عنه لم يسمه وإنما يشير إليه بعبارات من مثل" وقال بعضهم" أو" واختار بعضهم" أو" بعض المتأخرين".
ولولا أن وصل إلينا كتاب" التنبيه" لا بن جني ولولا اعتراضات التبريزي له