للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

شرح أسماء الشعراء والأعلام:

اهتم ابن جني بهذا العنصر اهتمامًا فاق فيه جميع شراح الحماسة من حيث عقد له كتابًا خاصًا تناول فيه نحو عشرة ومائتي علم، ولا نبعد في القول إذا قلنا أن ابن جني كان بعمله هذا دافعًا للشراح الذين جاؤوا بعد للاهتمام بهذا العنصر مثل أبي العلاء وزيد بن علي الفارسي والتبريزي وعيرهم.

والظاهرة التي تسود عمل ابن جني في هذا الجانب هو أنه كان يستقصي شرح العلم من جميع الجوانب ويضع الاحتمالات التي تتصل به مرتجلًا كان أو منقولًا، فإذا كان منقولًا بحث في كنهه أهو عين أم معنى؟ وإذا كان عينًا فما حقيقته هل هو اسم صفة أو غير اسم صفة، إلى غير ذلك من أصناف الأعلام المنقولة. أما إذا كانت الأعلام مرتجلة فهو أيضًا يستقصي شرحها موضحًا عما إذا كانت قابلة للقياس وليس فيها خروج عنه، أو كانت مدفوعة بالقياس والعلمية هي سوغته فيه. وهو في جميع ما تقدم يستعين بما جاء عن السابقين أمثال سيبويه وأبي الحسن الأخفش، وأبي زيد الأنصاري وأبي سعيد السكري وأبي علي الفارسي وغيرهم، ممن كان له في مجال اللغة والتصريف والاشتقاق قول، كما يستعين بالشواهد من القرآن الكريم والحديث الشريف والشعر القديم الفصيح في إقرار كل ما يراه من قواعد وأحكام.

إن أعماله في الأعلام المنقولة والمرتجلة تدل على سيادته بعلم التصريف وعلوه في الاشتقاق، واستيعابه التام لما يقبله القياس وما لا يقبله، ونستطيع أن نلمس ذلك في جملة من الملاحظ: أولها: أنه في الأعلام المنقولة كان لا يكفي بتوضيح النقل فحسب بل يشرح المنقول منه ويبين كل ما يتصل به من معان وأحكام، كما يشرح العلم المنقول ويبين ما فيه من لغات وعلاقة بالتصريف. من ذلك ما جاء عنه في العلم ((يعفر)) قال: ((وأما يعفر فمنقول بمنزلة يزيد ويشكر وتغلب، يقال عفرت الزرع إذا سقيته أول مرة، وعفرت النخل إذا فرقت من لقاحه، وعفرت الرجل في التراب أعفره)). ثم مضى مفسرًا اللغات في العلم المنقول قال: ((وفيه ثلاث لغات: يعفر، ويعفر، ويعفر)) ثم نظر الى الصرف ومنعه بحسب هذه اللغات الثلاث فوضح أن من فتح الياء فقياسه ألا يصرف للتعريف ووزن الفعل بمنزلة

<<  <   >  >>