للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الكتاب: ((وقد أجبتك أيدك الله إلى ملتمسك من عمل ما في الحماسة من إعراب وما يلحق به من اشتقاق أو تصريف أو عروض أو قواف، وتحاميت شرح أخبارها أو تفسير شيء من معانيها إلا ما ينعقد بالإعراب فيجب لذلك ذكره من حيث كان قد سبق إليه جماعة من مثل أبي رياش والديمرتي والنمري وغيرهم. ولأنك كثيرًا ما تجد في حواشي نسخ هذا الكتاب (يريد اختيار الحماسة) كثيرًا من تفاسيره، ولم أر أحدًا تعرض لعمل ما فيه من صنعة إعراب فتابعتك على ما أردت)).

فهو إذن لن يتحقق في شرحه جميع العناصر التي يقتضيها الشرح، لأن مثل هذا العمل قد سبقه إليه رجال، وإنما يريد أ، يسد نقصًا رآه في أعمال الحماسة وهو الإعراب، هذا من جانب، ومن جانب آخر أنه بجانب الإعراب سوف يناقش أمورًا تتصل به من اشتقاق أو تصريف أو عروض أو قواف، وهو في هذا لن يتناول كل هذه الأمور في جميع أبيات الحماسة، وإنما يناقش منها مواضع حددها بأنها تقوم على ضربين أحدهما ظاهر الإشكال تشاق النفس إلى كشفه، والآخر ساذج الظاهر تريك صفحته ألا شيء فيه ومن تحته أغراض ودفائن إذا تجلت لك راعتك وازدهتك)).

ووفق هذا المنهج سار ابن جني في كتابه، يعرض لمشكلات الحماسة من خلال هذين الضربين في الإعراب والتصريف والاشتقاق والعروض والقوافي. وإذا كان هذا هو منهجه فمن الطبيعي ألا نبحث في شرحه عم سائر العناصر التي تعرضنا لها في تطبيق المنهج إلا بداعي عند المرزوقي، لأن صاحب هذا المنهج لم ينظر إلى الحماسة اختيارًا أدبيًا يريد أن يجلو في شرحه كل ما يتصل بالأدب وفنونه، فهو لا يبحث في النصوص عن مقاصد الشعراء ولا المعاني التي توخوها في شعرهم، ولا الظروف والمناسبات التي دعتهم إلى قول الشعر، ولا مواطن الجمال فيما قالوه ولا أثر أساليبهم في نفوس متلقي شعرهم، ولا يريد أ، يشغل بها نفسه لأنها في رأيه قد عولجت من غيره، ومن ثم فأننا نبحث في عملي ابن جني في المبهج والتنبيه وفق العناصر الآتية:

١ -

<<  <   >  >>