للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"بسم الله الرحمن الرحيم"

توطئة

حظيت المادة الشعرية في حماسة أبي تمام باهتمام بالغ من قبل العلماء الشراح الذين تضافرت جهودهم على شرحها منذ منتصف القرن الثالث - وفق ما رجح الباحث في هذا البحث - وإلى عصرنا هذا الحديث.

ولم يكن هذا الاهتمام من العلماء - وبخاصة الأوائل منهم - وليد محاكاة فحسب بل كان بسبب قيمة اختيار الحماسة الذي أجمع السابقون من العلماء واللاحقون على أنه الغاية في بابه، فهو طراز فريد أو نسيج وحده، صاحبه عالم بالعربية وشاعر عظيم، يعد زعيم مدرسة في شعرنا العربي، يعرف كيف يختار من القطع الشعرية أبدعها، ومن القصائد أروعها.

ومن أجل ذلك كان لاغرو أن نجد العلماء وطالبي الأدب يحتفلون به في كل زمان ومكان، دراسة وشرحًا، أو قراءة وتعلمًا، ابتداءً من أبي محمد القاسم الديمرتي وإلى سيد علي المرصفي أستاذ الدكتور طه حسين - رحمهم الله جميعًا وأضاء قبورهم بنور المغفرة والرضوان - هذا فضلًا عن عناية علماء اللغة به، حيث عدوه وثيقة يستشهدون بأشعاره على اللغة وشرحها.

وإذا كانت جهود العلماء من السلف الصالح قد تركزت في مجال الدرس والتعليم على ديوان الحماسة مُخلفين في شرحه أعمالًا ضخمه فإن هذا يقتضي أن تقوم الدراسات حول هذه الجهود لبيان قيمتها، وطرق مناهجها، وتوضيح مدى ما حققته في هذا المجال من خدمة لهذا الاختيار من جهة، وصناعة في شرح الشعر من جهة أخرى.

وهذا البحث الذي يُقدم له الباحث بهذه التوطئة يُعد من الأعمال التي قامت من

<<  <   >  >>