للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أجل هذا الغرض، ولكنه يقتصر الدراسة فيه على الشروح التي ظهرت إلى نهاية القرن السادس الهجري، وعلة هذا التحديد الزمني ترجع في نظر الباحث إلى سببين: أحدهما ما لاحظه في دراسة هذه الشروح، أنها سلكت من حيث المنهج والتطبيق خمسة مناهج، كان آخرها المنهج التجميعي الانتخابي الذي بدأ عند الخطيب التبريزي المتوفي سنة ٥٠٢ هـ، وتجلى بوضوح عند شراح القرن السادس أمثال أمين الدين الطبرسي وأبى الرضا الراواندي، كما أن المنهج الاختصاري التسهيلي الذي سبق المنهج التجميعي الانتخابي بقليل على يدي زيد بن علي الفارسي والأعلم الشمنتري وأبي الحسن البياري قد تجلى هو الآخر لدى أحد شراح القرن السادس هو صاحب الشرح المنسوب خطأ إلى أبي العلاء المعري.

وأما السبب الآخر فيتمثل فيما لاحظه الباحث من قراءته لجملة من الشروح التي تلت القرن السادس الهجري، أن عملية الشرح في الحماسة قد أصبحت مجرد تكرار لأعمال السابقين اختصارًا وتسهيلًا أو تجميعًا وانتخابًا، ليس فيها ابتكار يذكر ولا إبداع يُعول عليه، بل ظهر من الشراح من لا يحقق في عمله شيئًا سوى النقل من السابقين دون عزو مثل يحي بن حميد المعروف بابن أبي طي، وهو أحد شراح الحماسة في القرن السابع الهجري، فقد ذكر ابن شاكر في "الفوات" "أنه كان يعمد إلى كتب غيره فيُقدم فيها ويُؤخر أو يحذف ويختصر ويدعيها لنفسه، ومثل شارح مجهول من شراح القرن الثاني عشر عثر الباحث على مخطوطة شرحه بتركيا، ووجده في عمله عالة على الإمام المرزوقي وأبي الفتح ابن جنى ينقل منهما دون عزو.

ويجدر بالباحث أن يشير إلى أن عمله هذا قد اتصل بعملين من أعمال المعاصرين أحدهما "شروح الشعر الجاهلي" لأحمد جمال العمري الذي طبعته دار المعارف بمصر، والآخر "حماسة أبي تمام وشروحها" لعبد الله عبد الرحيم عسيلان الذي طبع بمطبعة البابي الحلبي في مصر أيضًا. فأما "شروح الشعر الجاهلي" فيرجع اتصاله إلى أن صاحبه في دراسته لشروح الشعر الجاهلي قد درس كلًا من الإمام المرزوقي والخطيب التبريزي اللذين هما قطبا المنهج الأدبي الإبداعي، والمنهج التجميعي الانتخابي في شروح الحماسة، وهو عمل - والحق يقال - غاية في بابه، أفاد الباحث

<<  <   >  >>