للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أسبوع وبينت مواضع الزلل فيما فسر أبو عبد الله، وأثبت الصواب تحت كل بيت، وجعلت ذلك خدمة للمجلس العادلي، وبالله التوفيق".

ونفهم من هذه المقدمة أمرين أحدهما أنه ألف هذا الكتاب بدافع من التحدي وإظهار المقدرة علي التصدي بالنقد والتقويم لأعمال من سبقه، والآخر أن العجلة كانت صفة من صفات هذا التصنيف، إذ ألفه في مدة لا تتجاوز الأسبوع، وهما أمران قد يديان إلي عدم موضوعية من جهة، وإلي خلل واضطراب في التتبع والتقويم من جهة أخري، وهذا ما سيتضح لنا من خلال دراستنا لهذا التصنيف. وربما كان أهم ما يتوقف عنده الدارس لهذا الكتاب هو مصادره فليس فيه من المصادر سوي شيخه أبي الندي، الذي أشرنا إليه في ثبت الشروح شارحًا من شراح الحماسة، وأبو الندي وان كان رجًلا واسع العلم راجع المعرفة باللغة وأخبار العرب وأشعارها كما قال ياقوت، فإنه لم يأخذ علمه من شيوخ معروفين، وإنما أخذ ذلك من خروجه إلي البادية والتقائه بالأعراف الذين يسكنون الخيام، كما أنه كان مجهوًلا لا معرفة للعلماء به، ولهذا رأينا أبا يعلي الشريف نظام الدين المعروف بابا الهبارية يعيب علي أبي محمد الأعرابي استناده فيما يرويه عن أبي الندي وقال عنه: "من هذا الأسود الذي نصب نفسه للرد علي العلماء، وتصدي للأخذ علي الأئمة القدماء، بماذا نصحح قوله ونبطل قول الأوائل ولا تعويل له فيما يرويه إلا علي أبي الندي، ومن أبو الندي في العالم، لا شيخ مشهور ولا ذو علم مذكور"

ولكن هذا القول وان كان صحيحًا فإن هذا لا يمنع من أن يكون عمل أبي محمد رده علي النمري ذا فوائد، مع ما ذكرناه من اضطراب وخلل، ولعل هذه الفوائد هي ما عناه القفطي حين أشار إلي أن كتب أبي محمد الأعرابي من فواكه الكتب وإنها لنعم الممتع لأهل الرغبة والطلب، وان الذي قصده منها لم يقصده

<<  <   >  >>