للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بقوله: "ذكر أبو عبد الله أن هؤلاء قرع الرس أذا اجتمعت هاتان القبيلتان فيجب ألا يكونوا كذلك إذا لم يجتمعا، والصواب غير ما ذكر، ومعني البيت أنهم لا مآثر لهم يعدونها في المواسم إذا اجتمعت قيس وتميم لذلك فهم خزايا سكوت كأن علي رؤوسهم الطير، وإنما أراد الشاعر الخرو استخفافًا وهزءاً بهم واستحقارًا لأمرهم، والبيت الذي بعده يدلك علي صحة ذلك وهو:

متى تسأل الضبي عن شر قومه يقل لك إن العائذي لئيم

ومثل البيت الأول قول الآخر:

إذا حلت بنو أٍد عكاظًا رأيت علي رؤوسهم الغرابا"

ولعمري إن هذا التفسير أوضح وأبين مما ذهب إليه النمري، لأن القبائل في مجال الفخر لا تعبير بصلع الرؤوس وإنما بالأحساب والأنساب، ولا ندري كيف فات علي النمري هذا، وربما كان ما أورده أبو محمد في هذا الخصوص وجهًا من وجوه المعني التي كان النمري ينقلها لبعض من سبقوه فاقتطعه أبو محمد ليبين منه قصور أبي عبد الله في فهم الشعر، وذلك علي نحو ما سنورده في مآخذنا عليه، ولكن بالرغم من هذا التبرير الذي عرض لنا في هذا الموضوع فأن النمري كان يفسر الأبيات أحيانًا علي ظاهر القول، ومن ثم يفوت علي نفسه فرصة التأمل التي تتيح له معرفة ما في النص من خبايا في المعاني، ومن هذا ما جاء عنه في تفسير بيت راعي الإبل النميري.

فباتت تعد النجم في مستحيرة سريع بأيدي الآكلين جمودها

فقد قال: يعني امرأة أضافها، وأراد بالنجم النجوم وهذا كما يقال: قل الدرهم والدينار يراد به الجنس، ويقال: بل أراد بالنجم الثريا نفسها والأول أصح، فقوله والأول أصح جاء جريًا وراء الطاهر من اللفظ، ولذا اهتبلها أبو محمد الأعرابي في أن يشنع عليه ويطعن في معرفته بمعاني الشعر قال: "كثيرا ما يرجح أبو عبد الله الرديء

<<  <   >  >>