للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ومن أمثلة ما اعتمد فيه علي شيخه أبي الندي ما أورده في بيت عبد الله بن عنمة

القائل:

لا تجعلونا إلي مولي يحل بنا عقد الحزام إذا ما لبده مالا

فقد فسره أبو عبد الله النمري بقوله: "قوله يحل بنا عقد الحزام أي أذا أراد حل عقد حزامه حله بإنشاء هجائنا مستريحًا إليه متعللا به" فقال أبو محمد معترضًا عليه: "ليس هذا التفسير بشيء، سألت أبا الندي-رحمه الله- عن هذا البيت فقال: معناه لا تجعلونا إلي مولي يحلنا محل الهلاك، وذاك أن من استرخي حزامه صار إلي السقوط من فرسه، وبعده بيت يدل علي هذا وهو:

مولي من القوم يدعي وهو مشتمل تري به عن قتال القوم عقالا

ويمكن أن نلاحظ أن مآخذ أبي محمد الأعرابي في هذا الجانب جاءت -غالبًا- في الأبيات التي تحتمل أكثر من معني، ول تأملت ما قاله النمري في بيت كبشه بنت معدي كرب، وما قاله أبو محمد الأعرابي فيه لأدركت صدق هذا القول، والشاعر بطبيعة الحال لا يعني من كلامه إلا معني واحدًا فقط، غير أن الشراح يفسرون النص حسب رؤيتهم وفهمهم، ومن هنا اختلفت تفاسير المعاني لديهم في نصوص الحماسة، فالنمري قد يري معني لأحد الأبيات ويري أبو محمد غيره، وربما يكون ثالث فيأتي بمعني مغاير لها، غير أن الرؤية قد تقصر بالشارح أحيانًا فيأتي إليه الخطأ في التفسير وهذا ما لاحظناه في مواضع أخطأ النمري الرؤية فيها، فجاء التفسير لديه فجًا متهافتًا فكشف ذلك أبو محمد الأعرابي في تتبعه له. ومن أمثلته رؤية النمري في تفسيره بيت جواس الضبي الذي يقول فيه:

كأن خرو الطير فوق رؤوسهم إذا اجتمعت قيس معًا وتميم

فقد قال النمري فيه إن الشاعر يصف قومًا فشبه بياض قرعهم بخرو الطير وهو أبيض، وهو تفسير لا محالة، ولذا. رأيناه أبا محمد يعترض عليه

<<  <   >  >>