للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الحرب فتتقلص خصيتاه، ويحتمل أن يكون هجوًا، ووجهه أنه يصف شيخًا قد كبر وأسن، ولذلك قال ظرف عجوز، لأن ظرف العجوز خلق منقبض، فيه تشنج لقدمه، فلذلك شبه به جلد الخصية للغصون التي به، والولي به، والأولي أن يكون هجوًا لذكره العجوز مع تصريحه بذكره الخصيتين، ومثل هذا لا يصلح للمدح.

وقد نقل البغدادي هذا التفسير في الخزانة، ودل علي أنه من النمري ثم قال: وزيفه أبو محمد لأعرابي الشهير بالأسود الغندجاني فيما كتبه علي شرح النمري قال: "قال أبو عبد الله: هذا يحتمل المدح والذم إلا أن يكون له تمام فيحمل عليه، فأما الذم فهو أن تصف شيخًا قد اضطرب جلده لكبر سنه وهرمه، وأما المدح فهو أن الأبطال يوصفون اذا شهدوا الحرب بطول الخصي وقلة تقلصها".

فأنت تري أن هذا ليس كل ما قاله النمري في هذا البيت حرفه أبو محمد لينطلق منه إلي القول بأن "قوله هذا يحتمل المدح والذم، يدل علي أنه لم يمارس الأشعار والأراجيز ولم يستقر الدواوين، ومثل هذا البيت لا يعرف معناه قياسًا إلا بمعرفة ما يتقدمه من الأبيات ... ثم قال: "فقوله: كأن خصييه من التدلدل أذم ذم يكون في الشيخ، وذلك أنهما يتدليان من الكبر".

ثالثًا: أنه كثيرًا ما كان يخرج في عمله التتبعي التقويمي عن الموضوعية وذلك باستخدام العبارات الجارحة التي ترد في ثنايا كتابه لقصد النيل من أبي عبد الله النمري والحط من قدرة مثل" هذا يدل علي جهل كثير وغباوة ظاهرة" ومثل "ٌقال كذا وكذا في هذيان يشبه هذا" وغير ذلك مما يعد جنوحًا في القصد إلي الإساءة أكثر منه في إصلاح الخطأ للإفادة، وهو بلا شك أمر كان عليه أن يتجنبه حتى يدي العمل غايته في التصحيح والتقويم.

رابعًا: أنه مع هذه العبارات التي تقدح في حق أبي عبد الله النمري كان مضطربًا في الحكم عليه فبيناه نراه يصدر هذه العبارات لينال منه نراه في موضع آخر يعترف

<<  <   >  >>