للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فإن أبا الرضا قد تميز كذلك بخاصة تمثلت في أنه كان ينتخب من أعمال السابقين، ثم لا يكتفي بذلك بل يضيف إليها ما يعن له من رأي فيها، وهذا قوله: "وإن لاح لي فيه لائح كتبته" ولهذا رأيناه في جملة من المواضع يدلي برأيه فيما ينتخبه، ومن ذلك ما جاء عنه في بيت ملحة الجرمي الذي جاء في باب الصفات والذي يصف فيه برقًا لاح له في الليل وهو:

نشاوى من الادلاج كدري مزنه يقضي بجدب الأرض ما لم يكن يقضي

قال: "قد أكثروا في معنى هذا البيت، والذي يلوح لي أن معناه يقضي كدري هذا البارق بتقضية جدب الأرض ما لم يكد يقضي أي يذهب ما لم يكد يذهب من الجدب".

وأحيانا لا تكون إضافته إلا إطالة وإسهابًا في إيراد معنى النص، ومن ذلك ما أورده في بيت الغطمش الضبي الذي يقول فيه:

فبالخير لا بالشر فارج مودتي وأي امرٍئ يقتال منه الترهب

فقد أورد آراء من سبقوه في هذا البيت الديمرتي والمرزوقي وأبي الندى ثم أورد معناه مشيرًا إلى أنه صاحبه قال: "يقول أيها الرجل الذي يغتابني وينتقصني ثم إذا رآني داجاني وتبصبص إلي لا تفعل ذلك، فإنك إن رجوت مودتي إياك ومحافظتي عليك فلن أدرك ذلك بالمداجاة إذا حضرت والاغتياب إذا غبت، ولكن إن أردت ذلك فعليك باعتياد الخير واستصلاح الدخلة وتحسين الباطن فإنك إنما تفعل معي ذلك، وتتكلف هذه المعاملة لأنك ترهبني وتستعرمني، وكيف يحتكم على من يخاف ناحيته ولا تؤمن غائلته، فلا تحتكم على ما شئت من الاغتياب في حال الغيبة

<<  <   >  >>