شرحه في نقد أبيات الحماسة، وهي تدل على أنه كان له باع طيب في مجال نقد الشعر، ولعل هذا ما دفع الدكتور هاشم الشريف إلى القول بأن شرح البياري يعد من أفضل الشروح، وهو كذلك إذا نظرنا إليه بالنسبة للشروح التي تشترك معه في المنهج الاختصاري التسهيلي، أما بالنسبة للشروح ذات المناهج الأخرى فلا نظن الأمر كذلك، فشرح المرزوقي ذو المنهج الإبداعي الفني وشرح الطبرسي ذو المنهج الانتخابي يتفوقان عليه في كثير من النواحي، بالرغم من إفادة الثاني منه، وعدم إفادة الأول من شرحي أبي رياش وأبي الندى اللذين أفاد منهما البياري.
تلك هي مناهج الشراح الذين وصلت إلينا شروحهم، وهذا هو عملنا في تطبيقها من خلال النظرة الموازنة بينما طرحوه من شرح للشعر في عناصره المختلفة، حاولنا فيه أن نعطي كل شارح حقه، ما له وما عليه، مراعين في ذلك غايات الشراح، والمؤثرات التي تسلطت عليهم أثناء عملية الشرح فأثرت في مسارهم الذي سلكوه في أعمالهم.
بيد أن هذا إن كان قد تحقق لنا في شروح وصلت إلينا كاملة، ومثلت الفترة الزمنية التي حددناها لعملنا، فإن هناك شروحًا أخرى تدخل في مدار عملنا لم تصل إلينا كاملة، وإنما وصل بعضها مختصرًا أو في صورة نقولات في شروح أخرى أو وصلت غلينا ولكن في صورة عمل ينأى عن سائر المقومات والصفات التي حددناها لمناهج الشراح فيما سبق، ومن هنا كانت غير واضحة المعالم في مناهجها، وكان من المتعذر دراستها تحت المناهج الخمسة التي درسناها في القسم من البحث، وطبقنا عليها أعمال الشراح. ولهذا اقتضت طبيعة العمل فيها أن ندرسها وحدات قائمة لذاتها محاولين استنطاق ما جاء إلينا منها لمعرفة مسار أصحابها في عملية شرح الشعر.