فواضح من هذه المقدمة أن النمري قد قصد من عمله في الحماسة جانبين أحمدهما المعاني والآخر الروايات وأنه في الجانبين معًا كان يسجل ما أفاده فيه شيخه أبو رياش وبنسبه إليه.
كما يسجل ما أخذه من العلماء الآخرين وبنسبه إليهم، ثم هو بجانب هذا قد نظر قبل صنعته شرحه في كتاب القاسم الديمرتي، فهو يعرض له ذاكراً ما أخطأ فيه وما أصاب، لا في كل ما جاء عنه، وإنما فيما يعرض له أثناء عمله.
ومن هنا فإن مصادر شرحه وفق ما جاء في مقدمته ووفق ما خرجنا به من قراءتنا لهذا المختصر تتمثل في أربعة: أولها شيخه أبو رياش الذي أخذ عنه رواية متن الحماسة، وثانيها: علماء اللغة والأدب السابقين أمثال الأصمعي وابن الأعرابي وعلى بن سليمان الأخفش وأبي زيد الأنصاري وابن السكيت، وقد نقل عن هؤلاء جميعًا في مواضع، ومصوبًا مستحسنًا في مواضع أخري، ورابعها مصادر أخرى لم يسمها وإنما كان يشير إليها بعبارات مبهمة مثل "أنشدنا أبو رياش" ثم يقول: "وروي غيره" أو "وروي قوم" ومثل "قال الأصمعي وغيره" أو قال ثعلب وغيره" أو "وروري الديمرتي وغيره".
ولقد استطاع النمري أن يوظف في عمله إفادته من هذه المصادر توظيفًا جيدًا لا سيما في جانب الرواية واختلافتها، وجانب معاني الشعر وما يتصل به من شرح للغة، وهو إن كان ينقل ما أفادته فيه أبو رياش وبنسبه إليه، وكذلك بنسب كل ما ينقله بل كان بورد أراء السابقين ثم يبين رأيه فيه، وربما اختار غيره مما هداه إليه عقله وتفكيره. ومن أمثلة ذلك ما جاء عنه في بيت سلمي بن ربيعة الضبي القائل:
ومناخ نازلة كفيت وفارس نهلت قناتي من مطاء وعلت
فقد نقل أولًا رأيا لثعلب في البيت قال: "قال ثعلب وغيره: هذا خطأ لأن الفارس لا يقف له حتى قناته من ظهره وبعلها، ثم نقل قول شيخه أبي رياش