على نحو ما صرح ابن جني في مقدمته لكتاب "التنبيه". من أجل هذه الفروق جميعها بعد منهج أبي العلاء عن منهج ابن جني برغم تأثره به في بعض عمله ومشاكلته إياه في نواح من شرحه.
كذلك لم يكن أبو العلاء مشابهًا في منهجه منهج الإبداعيين الفنيين الذين رأيناهم في تطبيق المرزوقي وذلك من حيث أنهم كانوا يقصرون عملهم على نصوص الحماسة، فيوظفون علوم اللغة والنحو والرواية والبلاغة والنقد والأخبار التاريخية توظيفًا فنيًا محكمًا لإبراز معاني النصوص، ويعرضون ذلك في أسلوب أدبي رائع، ولم يكن أبو العلاء كذلك لأنه قد تجاوز نصوص الحماسة إلى شرح أسمائها وأعلامها فضلًا عن استطراداته الكثيرة في اللغة مما أثره أبو رياش في شرحه من أخبار تاريخية، وما يتصل بها من أشعار كان أبو العلاء يقف عندها ويشرح ما فيها من لغة وأعلام، هذا فضلًا عن أن أسلوبه لم يكن أدبيًا يعني فيه بصوغ عباراته وسبكها بما يكسبها شيئًا من الإيحاءات التي تثير المتعة لدى القارئ، وإنما كان يعمد إلى أسلوب فصيح خال من الزخرفة والصياغة يؤدي به إلى أفكاره ومعانيه.
كذلك اختلف أبو العلاء عن أصحاب المنهج التتبعي التقويمي، لأنه لم يقصد من شرحه أن يتتبع أبا رياش في عمله ويقوم ما فيه من أخطاء، وإنما قصد منه أن يسد ما فات على أبي رياش توضيحه من حيث أن أبا رياش كان يجنح إلى الأخبار التاريخية في المقام الأول، ففاتت عليه جملة من عناصر الشرح حاول أبو العلاء أن يكون له عمل فيها، وفق ثقافته وهواه.
وطبيعي أن يختلف عمل أبي العلاء عن أصحاب المنهج التجميعي الانتخابي، وأصحاب المنهج التسهيلي الاختصاري، فنقولات التبريزي المسهبة المستطردة دلت على أنه لم يكن تسهيليًا اختصاريًا قط، كما أنه إذا كان قد نظر في شروح سبقته فإنه لم يكن ينظر فيها لينتخب منها شرحه، وإنما ليناقشها ويبين رأيه فضلًا عن أنه كان في عمله ابتكاريًا يكد ذهنه ليبرز لنا جهده وعلمه ودرايته، في حين أن الانتخابين كما رأيناهم في عمل التبريزي وغيره كانوا بعيدين عن هذا كله، إلا في مواضع قليلة لا تقاس بما قام به أبو العلاء في عمله.