والأخرى تغاضيهم عن مناقشة النحل في المتن المختار من قبل أبي تمام. أما المجموعة الثانية فتتصل بالمادة التي خلفها هؤلاء الشراح، وتضم ثلاث ظواهر، إحداها: الاستطراد والتوسع في بعض عناصر الشرح، والثانية طغيان اللغة والنحو في عملية الشرح، والثالثة إغفال الشاعر والعوامل النفسية الموحية له بالشعر. وأما المجموعة الثالثة والأخيرة فتتصل بالشراح أنفسهم، وتشمل على ظاهرة واحدة هي: تسلط نزعاتهم وأهوائهم في أعمالهم التي خلفوها لنا في الحماسة.
-١ -
في متن الحماسة
أ- ندرة رجوع الشراح إلى الأصول في رواية المتن:
وهي ظاهرة شملت سائر الشروح على مختلف مناهجها، إذ أن شراح الحماسة كانوا إذا عالجوا رواية المتن عالجوها من خلال نسخ الحماسة التي لديهم أو نسخ الشروح التي وقفوا عليها وأفادوا منها، فالنمري مثلًا كان كثيرًا ما يشير إلي رواية الديمرتي وغيره في شرحه، وإلى رواية شيخه أبي رياش، والمرزوقي كان يرجعنا إلى نسخ الحماسة مختلفات المصادر، كما كان ينظر إلى رواية ابن جني في كتاب "التنبيه" ويناقشها. وابن جني نفسه كان إذا ناقش الرواية ناقشها من خلال ما قرأه من أعمال شراح سبقوه، لا يشير إليهم بالاسم ولكن يدل عليهم من خلال عمله، وكذلك كان يشير إلى رواياته التي أخذها بالسماع من الشيوخ. وأبو هلال العسكري كان يناقش الرواية في غلبة عمله من وجهة نظر لغوية أو إعرابية أو غيرهما من معايير الرواية دون أن يرجع إلى أصل من أصول متن الحماسة، وما رسالته "ضبط مواضع من الحماسة" ببعيدة عنا. وأبو محمد الأعرابي كان يعتمد