اعتمادًا دائمًا على شيخه أبي الندى. وأبو العلاء المعري كان يشير إلى نسخ الحماسة ويقول:"ويقع في بعض النسخ كذا ...... ". أما التبريزي وغيره من أصحاب المنهج التجميعي الانتخابي فقد كان موقفهم من متن الحماسة هو موقف الشروح التي انتخبوا منها أعمالهم، وجلها مما ذكرناه آنفًا، فهم قل أن يرجعوا إلى الأصول المتمثلة في أشعار القبائل ودواوين الشعراء، ولم نجد لهم في هذا الخصوص سوى إشارات طفيفة لا تكاد تتجاوز أصابع اليد الواحدة، منها إشارة ابن جني التي مرت بنا في بيت تأبط شرًا القائل:
فأبت إلى فهٍم ولم آيبا وكم مثلها فارقتها وهي تصفر
فقد قال فيه:"أن الرواية في ديوان الشاعر بالخط القديم (وما كدت آيبا) "، وإشارة ثانية له في رواية بيتين لأبي الربيس قال: إنه وجدهما بخط أبي موسى في ديوان أبي الربيس. وإشارة ثالثة لأبي هلال العسكري في القطعة التي نسبها أبو تمام إلى المثلم بن عمرو التنوخي، فقد قال فيها:"هذا الشعر في أشعار هذيل للبريق بن عياض الهذلي" وإشارة رابعة لزيد بن علي الفارسي في القطعة الأولى من باب الرثاء التي نسبها أبو تمام لأبي خراش الهذلي قال فيها: "إن هذا الشعر ليس في ديوان أبي خراش".
ونحن لا نجد تعليلًا لهذه الظاهرة سوى أنهم قد شغلوا بالحماسة وروايات نسخها عن غيرها من مجاميع الشعر ودواوين الشعراء، ولم يحاولوا أن يربطوا عملهم في متن الحماسة بمصادر الشعر الأخرى، وهي مصادر لا يمكن القول بأنها كانت غير متوفرة لديهم في ذلك الزمن، فهناك كتب وصلت إلينا كانت تشير إليها وتدل عليها، والذي يقرأ كتاب المؤتلف والمختلف للآمدي المتوفى سنة ٣٧٠ هـ يجد