للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إشارات متعددة إلى جملة من دواوين القبائل ودواوين الشعراء التي كان يرجع إليها في صنعته هذا الكتاب. وكذلك يمكن أن يجد ذلك لدى المرزباني المتوفى سنة ٣٨٤ هـ، فقد كان يشير إلى مصادر للشعر من صنع أبي سعيد السكري بل إن بعض هذه المصادر من مجاميع أشعار القبائل ودواوين الشعراء كانت موجودة لدى البغدادي المتوفى سنة ١٠٩٣ هـ، وقد أوردها ضمن مصادر كتابه الخزانة في المقدمة التي صدر بها هذا الكتاب. ومن ثم كان من المتيسر لهؤلاء الشراح أن يفيدوا من هذه المصادر في أعمالهم التي اتصلت برواية متن الحماسة بدلًا من أن يدوروا حول نسخ الحماسة وروايات الشراح فيها.

وفي إدراكنا أنهم لو فعلوا ذلك لحققوا أمرين. أحدهما: تجنب الوقوع في افتراضات لا معنى لها أثناء عملية الشرح حين يكون في الأبيات نقص ناجم عن اختيار بعض أبيات من قصيدة الشاعر وترك الباقي، وذلك كما في أبيات عمرو بن معدي كرب الواردة في باب الحماسة، فقد كان اختيار أبي تمام لها على هذا النحو:

ولما رأيت الخيل زورًا ... جداول زرٍع خليت فاسبطرت

فجاشت إلى النفس أول مرٍة وردت على مكروها فاستقرت

علام تقول الرمح يثقل ساعدي إذا أنا لم أطعن إذا الخيل كرت

فقد أخذ الشراح يبحثون عن جواب "لما" الواردة في البيت الأول، فدخلوا في تأويلات لا طائل لها، حتى المرزوقي صاحب المنهج الإبداعي الفني وقف عندها وأطنب في القول حيث قال: "يجوز أن يكون الفاء في "فجاشت" زائدة في قول الكوفيين وأبي الحسن الأخفش ويكون جاشت جوابًا للمّا، والمعنى: لما رأيت الخيل هكذا خافت نفسي وثارت، وطريقة جل أصحابنا البصريين في مثله أن يكون الجواب محذوفًا كأنه قال: لما رأيت الخيل هكذا فجاشت نفسي وردت على ما كرهته

<<  <   >  >>