للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في أماليه إلى الشنفري. والأخرى في باب النسيب صدرها أبو تمام بقوله: "وقال آخر، وقال أبو رياش: إنها مولدة".

فأما هذه الأخرى فلم نجد في شأنها سوى هذه الإشارة التي وردت عن أبي رياش والتي لم يوضح فيها لم قال هذه العبارة؟ فأبو تمام لم ينسبها إلى شاعر قديم حتى يقال فيها هذا القول. ولم يذكر أبو عبد الله النمري- تلميذ أبي رياش- شيئًا عنها ... حتى أبو العلاء المعري الذي أقام شرحه "الرياشي المصطنعي" على شرح أبي رياش، لم يصل إلينا عنه شيء في أمرها. وكذلك التبريزي الذي نقل لنا قول أبي رياش لم يوضح لنا لماذا هي مولدة، وهناك آخرون وقفوا على شرح أبي رياش وأفادوا منه ورد ذكرهم في الفصول السابقة مثل زيد بن علي وأمين الدين الطبرسي، وصاحب الشرح المنسوب خطأ لأبي العلاء لم يولوا هذا الأمر اهتمامًا في عملهم، ونحن لا نستطيع أن نقول فيه شيئًا لأن صاحب الشعر مجهول لدينا، فأبو تمام لم ينسبه إلى أحد، ولم يبت أحد من الشراح الذي وقفنا على شروحهم في أمر نسبته، ومن ثم فإنه إذا جاز لنا أن نتكلم في هذه القطعة بشيء فهو أن رواية أبي تمام لها في الحماسة لا تدل على قدمها، فأبو تمام- كما هو معلوم- قد روى في الحماسة شعرًا قديمًا وشعرًا محدثًا، فلماذا لا يكون هذا الشعر محدثًا رواه أبو تمام، ولم يشأ أن يذكر صاحبه، فكان ما قاله أبو رياش في شأن توليده؟ ! .

غير أن الذي يهمنا هنا هو القطعة الأولى التي رواها أبو تمام ودل على أنها من شعر الجاهلية، فقد توالت إشارات الشراح إلى إنها منحولة من صنع خلف الأحمر وهي إشارات جاءت متباينة في الزمن، بدأت عند أبي عبد الله النمري المتوفى سنة ٣٨٥ هـ، حين ذكر في شرحه أنها لخلف الأحمر وساق دليلًا على ذلك هو قوله: "جل حتى دق فيه الأجل" قال: "إن الإعرابي لا يكاد يتغلغل إلى مثل هذا". ثم جاء الإمام المرزوقي المتوفى سنة ٤٢١ هـ، ونسبها تبعًا لأبي تمام إلى تأبط شرًا، ثم

<<  <   >  >>