ما تضمنه البيت من معنى. وكذلك الحال في بيتي الصمة بن عبد الله القشيري وهما:
حننت إلى ريا ونفسك باعدت مزارك من ريا وشعباكما معا
فما حسن أن تأتي الأمر طائعا وتجزع أن داعي الصبابة أسمعا
فقد جاءت غلبة عمله المطلقة فيهما في مجالي اللغة والأعراب بحيث أخذ ذلك من عمله نحو عشرين سطرًا، في حين أن عرض المعنى لم يأخذ منه سوى ثلاثة أسطر. هذا فضلًا عن إغفاله تصوير الجو النفسي الذي دفع الصمة إلى هذا القول والأسلوب البلاغي الذي شمل البيتين من مخاطبة النفس بهذا العتاب في موقفيها النقيضين: مفارقتها ريا في طوع واختيار، وحنينها إليها وجزعها عليها في شوق ووله، وتسلل الشاعر بأسلوبه هذا إلى عاطفة القارئ، يحركها للتجاوب المستحب.
وإذا كان المرزوقي يجنح إلى اللغة والنحو في قلة وفي مواضع يمكن أن تحصى، فإن التبريزي ذا المنهج التجميعي الانتخابي كان جنوحه نحو اللغة والنحو مطردًا، ولقد سبق أن ناقشنا هذا الجنوح في عمله عند دراسة منهجه، حيث رأيناه في مواضع عديدة يميل في عمله إلى النحو خاصة، إلى درجة تدفعه أحيانًا إلى أن ينقل في شرحه ما أورده المرزوقي من عمل في النحو، مكتفيًا به عن سائر العناصر الأخرى، ولو قرأنا عمله في بيت سعد بن مالك الذي يقول فيه
يا بؤس للحرب التي وضعت أراهط فاستراحوا
لوجدنا أن ما نقله من النحو في شرحه من الشروح التي كان ينتخب منها قد أحال تنسيق العناصر التي تغول واضح للنحو، إذا جاء نقله فيه واحدًا وعشرين