للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٢٧٥ هـ كانوا من ذوي الاهتمامات باللغة والنحو، وقد أنعكس هذا الاهتمام علي أعمالهم في شرح الشعر ومن ثم تأثر بذلك كل من جاء بعدهم من شراح الشعر سواء في ذلك شراح الحماسة أو غيرهم.

كذلك سجلنا أن نشأة دراسة الشعر وارتباطها في البداية بخدمة القرآن الكريم والحديث الشريف قد كان لها تأثير في غلو هذه الظاهرة ووجودها في شروح الشراح من حيث إن النظرة إلي شرح الشعر وسيلة إلي فهم القرآن والحديث قد ربطت علم الأشعار بعلمي اللغة والنحو لتصب جميعها في وسيلة واحدة لخدمة غاية واحدة هي فهم القرآن والحديث، ومن هنا ارتبط شرح الشعر لدي الشراح بهذين العلمين بالرغم من انفصال هذه العلوم عن بعضها وقيام كل منها في وحدة قائمة لذاتها.

لقد رأينا أن اهتمام الشراح فيما يتصل بالشاعر كان منصبا علي شرح أسمة لغويا، وتبيان نسبة وقبيلته والأحداث التي كانت وراء قولة الشعر وما يتصل بها من أنساب وأيام وأمثال وأشعار. أما الشاعر نفسه فلا وجود له في تحليل الشعر وشرحه، الأمر الذي شكل ظاهرة عامة شملت سائر الشروح. إن الشاعر بعواطفه وعقله وتفكيره والخط النفسي في بناء شعرة، والعوامل الموحية له بالشعر كل هذا لم يكن من هم الشراح في ذلك الزمن، ولقد اعتمدنا في تعليل انتقاء وجود الشاعر في عملية الشرح لدي الشراح، علي ما علله الدكتور العمري في وجود هذه الظاهرة لدي شراح الشعر الجاهلي، وهي علة ترجع إلي طبيعة العصور القديمة والظروف العملية والثقافية فيها، وهي طبيعة لم تكن تلتفت إلي هذه الأمور من قريب أو بعيد، لأن كل ما يهم الشارح- وهو واقع تحت تأثير هذه الظروف- هو المادة الشعرية يحللها ويقدمها خدمة للعلم أولا وقبل كل شيء لا خدمة للشاعر وإبراز مقاصده ومراميه وخصائصه التي تميز شعرة.

ولاحظنا أيضا أن سائر شراح الحماسة بعد القرن السادس الهجري داروا في الفلك نفسه بل صاروا يكررون ما قاله الأوائل اختصارا أو انتخابا دون أن يكون لهم أدني إضافة فيما خلفه هؤلاء الشراح القدماء، ومن هنا رأينا العلماء

<<  <   >  >>