المعاصرين الذين تصدوا إلي الحماسة بالعمل في مجال التعليم قد فكروا في عمل شرح لها وذلك علي نحو ما وضحنا في عمل الشيخ سيد علي المرصفي ومحمد الطاهر بن عاشور وعلي النجدي ناصف.
أما الظاهرة العامة والأخيرة التي سجلناها لهؤلاء الشراح فهي تسلط نزعاتهم وأهوائهم في عملية الشرح، فقد رأيناها عند المرزوقي في نزعته إلي التعالي والتفرد من جهة وإتباعه هوي نفسه ومزاجه من جهة أخري، وسجلنا مدي تأثير ذلك في مصادرة وعملة، كذلك سجلنا لأبن جني جنوحه المستمر نحو اللغة والنحو مما دفع به إلي إخضاع النصوص الشعرية في الحماسة إلي هذه النزعة فحول اختيار أبي تمام الأدبي إلي عمل بعيد الأدب ومجاله.
ورأيناها أيضا في عمل أبي محمد الأعرابي حيث برزت لدية نزعة التحدي وإظهار سقطات الآخرين وقد دفعته هذه النزعة إلي تزييف بعض أعمال النمري بغية إظهار عجزة وضعفه في فهم الشعر وشرحه، فخرج في عملة عن الموضوعية التي ينبغي أن يتمسك بها كل ناقد متصد إلي أعمال غيرة، كذلك سجلت الدراسة في هذا الخصوص نزعتين تحكمتا في عمل التبريزي في الحماسة إحداهما نزعته إلي اللغة والنحو، والأخرى انسياقه المتكرر وراء شيخه أبي العلاء بحيث جعلته النزعة الأولي يقصر جهده علي اللغة والنحو في كثير من النصوص التي ينتخبها من الشروح، وجعلته النزعة الثانية محتل المنهج في مواضع متعددة كان ينزلق فيها نحو الاستطراد الذي ينقله في شرحه من أعمال أبي العلاء.
ولقد سجلنا كذلك أن بعض أصحاب المنهج الاختصاري التسهيلي لم يسلم من هذه الظاهرة وهو صاحب الشرح المنسوب خطأ إلي أبي العلاء حيث لاحظناه ينزع إلي أعمال أبن جني في ((التنبيه)) فينتقل منها في مواضع من شرحه مما يعد استطراد في العمل وتغليبا لعنصر علي عناصر الشرح الأخرى، ولولا أنها كانت قليلة في عملة لا تقاس بما استوفاه من صفات منهجه ومقوماته لأخرجته عن حد المنهج الذي رسمه لعملة.
ولعل أهم نتيجة خرجنا بها من دراستنا لهذه الشروح جميعها، ومن خلال ما