للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الدكتور عسيلان هذا الشرح فأنكر نسبته لابن فارس، واعتمد في ذلك على ثلاثة أدلة أحدها أن هذا الكتاب يشير إلى أن صاحبة قد اطلع على شرح المرزوقي في حين أن المرزوقي توفى سنة ٤٢١ هـ، وابن فارس توفى سنة ٣٩٥، والثاني أن ابن فارس كان يهون من شأن الحماسة وصاحبها، والثالث أن الذين ترجموا لابن فارس لم يذكروا بين مصنفاته شرحًا لحماسة أبي تمام، ولم نجد أحدًا من شراح الحماسة أشار إلى شيء من ذلك حتى صاحب كشف الظنون لم يذكر شرحًا لابن فارس في الثبت الذي أورده لشروح الحماسة.

وفي هذه الأدلة نظر لأن المرزوقي كان منافسًا للصاحب بن عباد في بلاط بني بويه، وكان المرزوقي وقتها مؤدبًا لأبناء بويه، ذكر السيوطي في بعية الوعاة "أن الصاحب بن عبد دخل على المروزوقي يومًا فلم يقم له، فلما أفضت الوزارة إلى الصاحب جفاه"، ومعروف أن الصاحب توفي سنة ٣٨٥ هـ، وأنه تولى الوزارة سنة ٣٦٦ هـ، وظل بها حتى سنة وفاته. وإذا كان المرزوقي عالمًا له مكانته ومنافسًا للصاحب عباد، ومؤدبًا لأبناء بويه فمن المرجح أن يكون قد صنع شرحه لغاية تعليمية، وذلك حوالي هذا الزمن، ربما قبل تولي الصاحب الوزارة وربما إبانها، وعلى هذا فليس ببعيد أن يكون ابن فارس قد رأى شرحه وأفاد منه وإن سبق المرزوقي في الوفاة، يدع هذا أن كلا الرجلين المرزوقي وابن فارس كانا من فارس وفي عصر واحد، وهو عصر عرف بذيوع الكتاب وانتشاره. يقول الدكتور جمال العمري عن عصر المرزوقي: "وما أظننا نغالي إذا قلنا إن الكتب في هذا العصر كانت تنافس الشيوخ خاصة بعد أن ضعف القوم - علماء وغير علماء - على الرواية، وصارت الرواية الشفوية مستحيلة، والأخذ عن العلماء يستوجب التسجيل والتدوين لسهولة الرجوع إلى ما كتب وسجل. لهذا زاد اهتمام الناس بالكتب وتركز اهتمامهم

<<  <   >  >>