للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

١ - المنهج الأدبي الإبداعي الفني:

هو أحد المناهج التي حددها الدكتور العمري وطبقه على شروح الإمام المرزوقي وبخاصة شرحه للحماسة مركزًا في ذلك على النصوص الشعرية التي هي مدار بحثه، ولقد رأينا فيما سبق مقومات هذا المنهج وصفاته كما عرضها الدكتور العمري، ونحن نتفق معه فيما جاء فيها من حيث هي صفات يمكن أن نجدها في شرح المرزوقي للحماسة، ولكننا نعترض على الأسلوب الذي عرض به هذه الصفات وبخاصة في قوله وهو يحدد مصير هذا المنهج بأنه منهج" يتفنن في استخراج مكامن علوم البلاغة لإظهار ما يؤديه جمال التصوير وروعه التعبير في إطار من حسن العرض وكمال التحليل وجوده التعليل.

فالمروزقي- والحق يقال- يعد أكثر الشراح تناولا لعلوم البلاغة في شرحه ولكن تناوله لها لم يكن في درجة واحدة، فهو قد يحلل ويعلل ما يثيره من نواح بلاغية، غير أنه في جانب مقابل كثيرًا ما نراه يعرض هذه النواحي في عبارات موجزة متشابهة لا تتصف بحسن العرض وكمال التحليل وجودة التعليل بل انه في أحيان أخرى نراه يتجاوز إبراز النكات البلاغية في الأبيات التي يشرحها مهتمًا بعناصر أخرى غيرها، وأدل دليل على ذلك أننا حين قمنا بإحصاء لعمله في هذا الخصوص في القطع المائة الأولى من باب الحماسة، ويبلغ عدد أبياتها ٤٤٢ بيتًا وجدناه قد عالج نواحي مختلفة من البلاغة التي كانت تستدعى الوقوف ولم يقف عندها. وهذا القول لا ينطبق علي القطع المائة الأولى فحسب بل يشمل سائر قطع الاختيار على مختلف أبوابه. انظر على سبيل المثال هذا التصوير الاستعاري الذي جاء في حماسية هلال بن رزين وهو يصور كتيبة كثيفة العدد تطل على أعدائها بالموت الكثير:

أَجَادَتْ وَبْلَ مٌدْجِنَةٍ فَدَرَّتْ عَلَيْهِمْ صَوْبَ سَارِيَةٍ دَرُورُ

<<  <   >  >>