جواب ثالث - وهو أن الإذن والقرن قد يثبت البيان فيها من صاحب الشريعة يأتي لا كراهية فيها، فكان ذلك هو الأصل فكان من كرهه لا تؤثر كراهيته شيئا إلا في تسمية ولا غيرها، فإذا ثبت هذا كان ما ذكرناه سالما.
ومن أدل الأشياء ما أخبرناه أيضا ابن الصواف في الإجازة قال ثنا هارون قال ثنا محمد قال ثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن خراش أن رجلا من اليهود لقي حذيفة بن اليمان فقال: نعم القوم أنتم إنكم تشركون تقولون ما شاء الله وشاء محمد. قال: فذكر حذيفة للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كنت لأكرهها ولكن قولوا ما شاء الله ثم شاء محمد. وهذا منه صلى عليه وسلم نص في أن الكراهية اسم للتحريم والزجر والنهي، فإذا ثبت هذا كان ما ذكرناه سالما، وأن هذا جرى في الشريعة لاستحقاق التحريم لا غير ذلك، ثم الذي يدل على صحة ذلك أن هذه تسمية من الصحابة جارية للمحدثات لا غيرها ألا ترى إلى ما رواه ابن سيرين كان ممن يكره الصلاة فيما لم ير عمر وابن عمر وعمران بن حصين وعائشة وجابر، وهذا لا محالة اسم للتحريم والردع لا غير ذلك. وكذلك أيضا قوله هذا حرام لا تفعل هذا ويكره هذا، كل ذلك علم للامتناع والردع. فإذا ثبت هذا كان ما ذكرناه سالما.
فأما الجواب عن الذي قالوه بذا من الروايات على أبي عبد الله في الخبر وفي باب أن يكره أن يصلي وفي قبلته شيء فذلك لا يؤثر شيئا أو كل شيء فيها صدر عنه فيه البيان أنه مستحب وما نقل عنه، وثبت البيان والتفسير كان متعلقا لما نقل عنه فيه ولا تفسير فإنه يقر على ظاهره مستحق به الكراهية لا غير ذلك.