للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١١٥)} (١).

والموضعان الأولان في سورتي البقرة والمائدة مدنيتان والموضعان الآخران في سورتي الأنعام والنحل مكيتان.

نعم: (إن الإِسلام يحسب حساب الضرورات فيبيح عندها المحظورات، ويحل فيها المحرمات بقدر ما تنتفي هذه الضرورات، بغير تجاوز لها ولا تعد لحدودها، فمن خاف على نفسه الموت أو المرض، من الجوع والظمأ فلا عليه أن يتناول من هذه المحرمات بقدر ما يدفع الضرر: {فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ...} الآية.

وقد تضمنت الآيات السابقة استثناء حالة الضرورة حفاظاً على النفس من الهلاك والاستثناء من التحريم إباحة، قال أبو بكر الجصاص: (قد ذكر الله -تعالى- الضرورة في هذه الآيات وأطلق الِإباحة في بعضها بوجود الضرورة من غير شرط ولا صفة وهو قوله -تعالى-: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} فاقتضى ذلك وجود الِإباحة بوجود الضرورة في كل حال وجدت الضرورة فيها) (٢).

وكما أبيح الأكل من الميتة حال الضرورة والمخمصة أبيح الفعل المحرم عند الضرورة والحاجة ومثاله التلفظ بالكفر عند الإِكراه عليه بالقتل أو بقطع بعض الأعضاء، مع اطمئنان القلب بالأيمان بدليل قوله -تعالى-:


(١) سورة النحل: آية ١١٥.
(٢) أحكام القرآن لأبي بكر الجصاص ١/ ١٥٦، طبع دار المصحف بمصر تحقيق: محمد الصادق قمحاوي.

<<  <   >  >>