للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[تمهيد]

من الحقائق المسلّمة أن الشريعة الإِسلامية مبناها وأساسها على اليسر والعدل والرحمة، ومراعاة مصالح العباد في المعاش والمعاد، فقد أنزلها الشارع الحكيم مباركة حنيفية سمحة سهلة حفظ فيها على الخلق حقوقهم وزينها في قلوبهم. قال -تعالى-: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (٧) فَضْلًا مِنَ اللهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٨)} (١).

لقد استطاعت الشريعة الإِسلامية أن تفي بحاجات كل المجتمعات التي حكمتها، وأن تعالج كافة المشكلات في كافة البيئات التي حلت بها، بأعدل الحلول وأصلحها، لأنها بجانب ما اشتملت عليه من متانة الأصول، وإقامة القسط بين الناس وجلب المصالح والخيرات لهم ودفع المفاسد والشرور عنهم؛ قد أودعها الله جلت حكمته مرونة عجيبة جعلتها تتسع لكل طريق وتعالج كل جديد بما يفي بمصالح الخلق ويحقق مقاصد الشرع بغير عنت ولا إرهاق، فقد وسعت العالم الإِسلامي كله على تنائي أطرافه وتعدد أجناسه، وتنوع بيئاته الحضارية وتجدد مشكلاته الزمانية فما ضاق ذرعها


(١) سورة الحجرات: آيتان ٧، ٨.

<<  <   >  >>